إلى الحدود القصوى ضاق هامش المناورة امام فريق معطلي تشكيل الحكومة. دول العالم قاطبة تكاد تضغط في كل اتجاه ممكن لفك اسرها، وفود واتصالات ومشاورات دولية ثنائية وثلاثية ودعوات للمسؤولين المعنيين لزيارة العواصم المؤثرة من دون جدوى حتى اللحظة.
السيناريوهات المنسوجة بحبكات اعلام الطرفين اكثر من ان تحصى، والهدف رفع المسؤولية وتبرئة الساحة مقابل القاء تبعات التعطيل على الفريق الآخر. بيد ان الاستمرار في هذا المسلسل لم يعد ممكناً، في ضوء المعلومات عن ان الاتحاد الاوروبي ودولا عربية عدة تدرس امكان فرض عقوبات على المعرقلين، جميعهم من دون استثناء، ومهما علا شأنهم، ليس فقط حرصا على لبنان، وهم طبعا يحرصون عليه، بل ايضا لكون مصالحهم قد تتأذى في ما لو تعرض لبنان للانهيار، اذ ستصيب شظاياه بالمباشر هذه الدول، وتحديدا بمليونين ونصف مليون نازح سوري و500 الف لاجئ فلسطيني قد يهجّرون اليها، كما بالفوضى التي قد تعم المنطقة نسبة للحساسية التي يتسم بها لبنان المجاور لاسرائيل والخشية من استغلال المنظمات الارهابية هذه الحال وتحركها من لبنان الى الخارج القريب والبعيد ربما..
من هنا، يمكن فهم الاندفاع العربي والغربي لانقاذ لبنان، علما ان الخيارات المطروحة امام الدول المشار اليها والخطوات الممكن ان تتخذها بحق المسؤولين المتهمين بعرقلة التشكيل تنسق مع الجانب الاميركي.
الخطوات هذه تقض مضاجع المسؤولين وتظلل خطواتهم، لا سيما لجهة التبرؤ من تهمة العرقلة. في هذا السياق، تفيد مصادر سياسية مطلعة “المركزية” ان ما تردد عن زيارات لبعض هؤلاء الى الخارج انما ترتبط بهذا الهاجس تحديدا. وفي انتظار ما قد تسفر عنه زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري الى الفاتيكان في 22 الجاري تلبية لدعوة تلقاها، نفت اوساط قريبة من التيار الوطني الحر الروايات التي حاكتها بعض الاقلام الاعلامية في شأن زيارة رئيس التيار النائب جبران باسيل الى فرنسا، واوضحت لـ”المركزية” ما وصفته بالحقيقة الكاملة في هذا الشأن قائلة ان مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأدنى باتريك دوريل وخلال آخر محطاته في بيروت، اعرب عن قناعة فرنسية بوجوب فتح مسلك التشكيل باطلاق عربة اجتماع الحريري- باسيل، كونها القناة الوحيدة للحل.
باسيل ابدى كل استعداد وليونة آنذاك فيما تولت باريس اقناع الحريري بالامر، وطرحت اخيرا فكرة لقائهما في فرنسا، غير ان الحريري الذي تؤكد الأوساط ان السعودية لا تريده رئيسا لحكومة لبنان، سرعان ما عدل عن الموافقة وعاد الى مربع العناد والمكابرة رافضا اللقاء ورافعا المتاريس، تارة تحت شعار اللقاء مع الرئيس فقط وليس مع باسيل واخرى بالدعوة الى تنازله عن الثلث المعطل وهذا يكفي، وثالثة تذرعا بزيارته الى الفاتيكان، علما انها تحددت بعد اكثر من اسبوعين، الامر الذي ازعج الفرنسيين.
تبعا لذلك، تضيف الأوساط، نسف الحريري كل امل بحل العقدة والافراج عن الحكومة انسجاما مع رغبة فرنسا والمجتمعين العربي والغربي، وانعدمت جدوى زيارة باسيل لفرنسا ما دامت ضمن “رزمة” جمع الرجلين، وانكشفت حقيقة من لا يريد التشكيل.