Site icon IMLebanon

باسيل “منبوذ”… وعون “على الأطلال”: أنا الجنرال!

كتبت صحيفة نداء الوطن:

لم يعد إنس ولا جان على وجه المعمورة يختلفان على تحديد مكمن العطل والتعطيل في لبنان، ولم يعد أي من الأطراف الدولية والعربية يتردد في الإشارة بالإصبع إلى “جبران باسيل” باعتباره حجر الأساس في عرقلة تشكيل “حكومة مهمة” إنقاذية للبنان، بغية تحقيق مصالح “تحاصصية” بالأصالة عن نفسه، ومصالح “استراتيجية” بالوكالة عن “حزب الله”، حسبما لاحظت أوساط مواكبة لمسار أحداث الساعات الأخيرة، التي بدا واضحاً من سياقها أنّ باسيل أصبح “معزولاً، معاقباً أميركياً ومنبوذاً أوروبياً وعربياً… فلا “الأم الحنون” قبلت استقباله، ولا “أمّ الدنيا” تريد لقاءه”، في إشارة إلى رفض قصر الإليزيه تحديد موعد له، وتجنب وزير الخارجية المصري سامح شكري الاجتماع به.

ورغم ذلك، لا تزال عوارض سياسة “الإنكار والهروب إلى الأمام” تظهر على تغريدات رئيس “التيار الوطني الحر” وإطلالات رئيس الجمهورية ميشال عون، فالأول ما زال يرى نفسه “متجاوباً مع كل مسعى خارجي وداخلي”، والثاني أعادته التفليسة إلى “دفاتره القديمة” ليقلّب صفحات أمجاد غابرة، بدا معها في حديثه المتلفز، كمن يقف “على الأطلال” مخاطباً اللبنانيين: “أنا ميشال عون أنا الجنرال أناديكم”، في مشهد غلب عليه الضعف والوهن واستجداء تعاطف الناس لكي يستذكروه في حقبة “الجنرال” بعد أن خذلهم في سدة الرئاسة.

لكن، ولأنّ باريس عاينت عن كثب بيت الداء والدواء في الملف الحكومي، ومصادر الإليزيه باتت تسمي باسيل بالاسم بوصفه العقبة التي تحول دون تطبيق مندرجات المبادرة الفرنسية حكومياً، مستخدماً توقيع الرئاسة الأولى متراساً لتحقيق “مطالب تعجيزية” كما وصفها وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، فإن “الأيام المقبلة ستكون مصيرية” كما شدد لودريان، كاشفاً أنّ فرنسا بصدد “اتخاذ إجراءات بحق من عرقلوا حل الأزمة في لبنان”، باعتبار أنّ “الأزمة ليست ناتجة عن كارثة طبيعية بل عن مسؤولين سياسيين معروفين”.

وتوازياً، ألقت مصر بثقلها على الساحة اللبنانية من خلال زيارة وازنة في الميزان الحكومي، قام بها وزير خارجيتها سامح شكري إلى بيروت، وغلّبت كفة دعم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وتأييد توجهات البطريرك الماروني بشارة الراعي على كفة قوى 8 آذار، مع الحرص على النأي برئيس مجلس النواب نبيه بري عن الامتعاض العربي من محاولة الانقلاب على الدستور والطائف واللعب بموازين القوى في البلد. وبهذا المعنى أتت زيارة شكري “مدججة بالرسائل شكلاً ومضموناً” وفق تعبير مصادر سياسية، لتصب في خانة التأكيد أنّ “القاهرة ليست على الحياد في ما يتعلق بأمن لبنان واستقراره بل هي “رأس حربة” في عملية إعادة تصويب البوصلة العربية للبنان والتصدي لمحاولات تغيير هويته”.

ومن هنا، آثر وزير الخارجية المصري استثناء باسيل و”حزب الله” من جدول لقاءاته اللبنانية، في رسالة واضحة تؤشر إلى تحميلهما “مسؤولية مشتركة عما آلت إليه الأمور في لبنان وعرقلة كل الجهود المبذولة داخلياً وعربياً ودولياً لإعادة استنهاضه وإنقاذ اللبنانيين”، وكشفت المصادر أنّ شكري “كان واضحاً لناحية دعوته إلى تشكيل حكومة سريعاً برئاسة الحريري من دون أن يمتلك فيها أي طرف ثلثاً معطلاً”، وهو أبلغ رئيس الجمهورية صراحةً أنّ “ما يحصل في ملف تشكيل الحكومة غير مقبول لأنه يخرج عن الأطر والأعراف الدستورية ولا يتماشى مع متطلبات المبادرة الفرنسية التي تحظى بدعم مصر”، الأمر الذي رد عليه عون بتحميل مسؤولية التعطيل لرئيس الحكومة المكلف “لامتناعه عن التشاور مع (باسيل) رئيس أكبر كتلة مسيحية”، ملوحاً بأنّ “لبنان وفق الصيغة الحالية وبطريقة تطبيق الدستور لا يمكنه أن يستمر”.

وخلال لقاءاته الأخرى، نقلت المصادر أنّ شكري عبّر عن “استياء مصر من استمرار تأزم الوضع في لبنان من دون تشكيل حكومة”، وحذر من أن “الوضع سيسوء أكثر إذا لم يحصل التأليف سريعاً”، مؤكداً أنّ القاهرة تتحرك بالتنسيق مع الفرنسيين إزاء الملف اللبناني، وأنها “مع المبادرة الفرنسية بمندرجاتها الأصلية وليس المعدّلة”، في إشارة إلى ضرورة تأليف حكومة اختصاصية لا تكنو- سياسية.

وفي بكركي شدد شكري على أهمية الدور المحوري الذي يلعبه البطريرك الراعي في هذه المرحلة وأثنى على طرح الحياد موجّهاً إليه دعوة لزيارة مصر، كما ناشده أن يواصل مساعيه وضغوطه لتشكيل الحكومة. وفي السياق نفسه، أكدت المصادر أنّ الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي الذي وصل بيروت مساءً، سينقل “موقف الجامعة العربية الداعي إلى ضرورة الاسراع في تشكيل حكومة فوراً وفق مندرجات المبادرة الفرنسية”.