كتب بسام أبو زيد في صحيفة نداء الوطن:
ليس تفصيلاً أن يستقبل قداسة البابا فرنسيس الرئيس المكلّف سعد الحريري ليبحث معه في الأزمة اللبنانية الراهنة وكيفية الخروج منها، لا سيما وأنّ قيادات لبنانية مسيحية وغير مسيحية كثيرة كانت قد طلبت مواعيد من أجل لقاء مع قداسة البابا أو مع أحد كبار المسؤولين الفاتيكانيين، ولكن طلبها لم يستجب.
استقبال الرئيس الحريري في الفاتيكان وتلبية طلبه بهذه السرعة لم يكن نتيجة قرار صادر عن قداسة البابا فقط. فبحسب المعلومات المتوفرة، كان هذا القرار جرّاء جوجلة فاتيكانية كان الأساس فيها السفير الفاتيكاني في لبنان، كما جرّاء جوجلة كنسية لبنانية مع الفاتيكان شاركت فيها بكركي ورهبانيات لبنانية.
هذا اللقاء لا بدّ وأن يسفر عن نتائج جيدة لصالح لبنان، لأنّه سيرسل في النهاية رسالة إلى العديد من الأطراف اللبنانية المسيحية والإسلامية أنّ ما يهم الفاتيكان هو استقرار لبنان وازدهاره، وأن هذا الأمر لا يمكن أن يتحقّق إلا من خلال تعاون إسلامي ـ مسيحي، يظهر للرأي العام الدولي معاناة لبنان الحقيقية الناجمة عن زجّه في صراعات لا شأن له بها ما أسفر عن إيقاعه في تداعيات سياسية وأمنية واقتصادية، لا سبيل له للخروج منها إلا بتعاون مع المجتمع الدولي من قبل مسؤولين لبنانيين يثق بهم هذا المجتمع، وهذا ما ينطبق على البطريرك الراعي والرئيس الحريري.
زيارة الحريري للفاتيكان قد يقول البعض أو يتمنّى بأن يتم استلحاقها بزيارة لشخصية مسيحية رسمية أو غير رسمية، ولكن الأمر ما زال في دائرة مجهولة ولا قرار في شأنها، بالرغم من أنّ الفاتيكان قد لا يسلم من انتقادات مسيحية من قبل “التيار الوطني الحر” وربما من بعض رجال دين مسيحيين يأخذون عليه الاستماع إلى وجهة نظر واحدة وإهمال وجهة النظر الثانية، وهي التي تمثّل برأيهم وجهة نظر الأكثرية المسيحية التي تقول إنّ هناك محاولات جديدة لإقصائها وتهميشها وضرب ما تبقّى من صلاحياتها وقدرتها على القرار، علماً أنّ وجهة النظر هذه تصل إلى مسامع الفاتيكان في شكل يومي، وهو يدرك أنّ المشكلة الأساسية ليست في هذه الممارسة إن وجدت.
فالمشكلة الأساسية بالنسبة للفاتيكان ليست إسلامية ـ مسيحية، بل هي مشكلة قيام دولة في لبنان بكل معنى الكلمة، دولة سيّدة حرّة مستقلّة تملك قرارها وتشكّل واحدة من دول العالم الحرّ المتعدّد المنفتح، وهذه لا يعرقلها سعد الحريري، وصحيح أنّه لا يتصدّى كما يجب لمعارضيها، ولكنّه على الأقل لا يؤيّدهم، ومن هنا بدأ فتح باب الحوار بينه وبين الفاتيكان.