وقف وزير الخارجية المصرية سامح شكري في لقاءاته على خليط من المواقف، فمع قوى المعارضة سمع شكوى صريحة من كل الطبقة الحاكمة، وفي بكركي كان الموقف متطابقاً مع ما طرحه البطريرك الماروني مار بشارة الراعي لناحية التعجيل بحكومة إنقاذية سريعا. وفي بيت الوسط لمسَ مرونة جدية وبالغة، ولم يلمس مطالب تعجيزية بل لمسَ استعدادا للسير الفوري بحكومة متوازنة لا ثلث معطلاً فيها لأي طرف.
وقالت مصادر بيت الوسط لـ«الجمهورية» انّ اللقاء بين الرئيس المكلف سعد الحريري وشكري كان ممتازا ومريحا جدا، وكان الوزير متفهّما للعرض الذي قدمه الرئيس الحريري في ما خَص الوضع الحكومي، والذي اكد فيه الرغبة الشديدة في تأليف حكومة في اسرع وقت ممكن، من اختصاصيين لا سياسيين ووفق مندرجات المبادرة الفرنسية ولا ثلث معطلا فيها لأيّ طرف.
ومن بيت الوسط اعلن شكري أنّ «مصر حريصة على أمن لبنان واستقراره، وهذا يقتضي العمل على إنهاء حالة الجمود الراهنة كما أنّها حريصة على كل جهد يُبذل لخير لبنان والمنطقة واستعادَتِه لمكانته».
وقال إننا «نتطلّع للحوار مع الجميع للخروج من هذه الأزمة بالاعتماد على الأرضية القانونية المتعلقة بالدستور واتفاق الطائف، ونتمنّى للبنان التوفيق وعلى الحكومة أن تكون خارج التجاذب».
اما في عين التينة فكان اللقاء اكثر من مريح مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري والتطابق كان كاملا وجليا في المواقف، ولا سيما لناحية الدخول في مرحلة الانقاذ للبنان عبر تشكيل حكومة منسجمة (لا ثلث معطلا فيها او متحكّماً، لأي فريق سياسي)، اي حكومة بحجم المرحلة ويشترك فيها الجميع في هذه العملية.
وكان موقف لافت في عين التينة للوزير شكري، اكد فيه على اهمية العمل بكل اجتهاد وبكل سرعة لتشكيل حكومة اختصاصيين، وقال انه نقل الى الرئيس بري تثمين مصر الكبير لجهود دولته ومبادراته التي يطلقها للعمل من اجل الخروج من هذه الأزمة في إطار الحفاظ على الارضية الراسخة السياسية والقانونية المتمثلة في تطبيق الدستور اللبناني واتفاق الطائف واستعداد مصر لتقديم كل ما في وسعها لمعاونة الاشقاء لتجاوز هذه الازمة والانتقال الى مرحلة يستعيد فيها لبنان عافيته الكاملة، وإننا نرى أهمية للاسراع بذلك. واكد على انّ استقرار لبنان هو حيوي بالنسبة للمنطقة».
الّا ان اللقاء بين شكري ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وعلى ما تؤكد المصادر، لم يعكس اي اشارات مشجعة يمكن البناء عليها للحديث عن ايجابيات. فرئيس الجمهورية، وبحسب المصادر، عرض من وجهة نظره ما يحيط بملف تأليف الحكومة، مُلقياً باللائمة في هذا السياق في اتجاه الرئيس المكلف، وعدم تعاطيه بجدية في هذه المسألة، وصولاً الى السعي الدائم الى تجاوز الاصول الدستورية والمعايير الاساسية في عملية تشكيل الحكومة، وفرض معايير مناقضة لها.
وقد انعكست الاجواء السلبية للقاء في ما اعلنه الوزير شكري على أثره، حيث اعرب عن أسفه «من الانسداد السياسي الذي لا يزال موجوداً بعد مرور 8 أشهر على تفجير مرفأ بيروت».
واشار الى «أنّ السياسيين اللبنانيين يتخبطون لتشكيل الحكومة، مؤكدا أن مصر ستستمر ببذل كل الجهود للتواصل مع كل الجهات للخروج من الأزمة». وفي المقابل، وزّع القصر الجمهوري ما أبلغه الرئيس عون للوزير شكري، حيث اعرب عن «تقديره وامتنانه للدور الذي تقوم به مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي لمساعدة لبنان في مواجهة الازمات المختلفة التي يعانيها، لا سيما الازمة الحكومية، متمنياً ان تثمر هذه الجهود نتائج إيجابية، لا سيما اذا ما توافرت إرادة حقيقية للخروج من هذه الازمة، من خلال اعتماد القواعد الدستورية والميثاقية التي يقوم عليها النظام اللبناني وبالتعاون مع جميع الأطراف اللبنانيين من دون إقصاء او تمييز». كذلك شدد على «دقة المهمات التي ستلقى على عاتق الحكومة الجديدة، لا سيما في مجال الإصلاحات الضرورية التي يلتقي اللبنانيون والمجتمع الدولي في المناداة بها والعمل على تحقيقها، وفي مقدمها التدقيق المالي الجنائي لمحاسبة الذين سرقوا أموال اللبنانيين والدولة على حد سواء».