كتب عيسى يحيى في صحيفة نداء الوطن:
يواجه اللبنانيون التحدّيات الإجتماعية والإقتصادية المفروضة عليهم قسراً بفِعل الأزمة الخانقة التي يعيشها لبنان، ويمنّون النفس بالصبر لحين الفرج القريب، فيما يواصلون حملات المقاطعة لشراء البضائع والمواد، علّها تكون عاملاً مساعداً في كبح جماح جشع التجّار الذين لا يرحمون أبداً.
بعد حملتي مقاطعة شراء البيض والبطاطا من السوق نظراً لإرتفاع أسعارهما، يخوض المواطنون غمار تحدٍّ جديد أطلقه حراك المتعاقدين في التعليم الرسمي والخاص لمقاطعة شراء الحاجيات من جميع سوبرماركت لبنان حتى مساء الأحد، في سبيل وضع حدّ لفلتان الأسعار ورفعها، بمواجهة مافيات التجّار والسوبرماركات والتلاعب بأسعار السلع الإستهلاكية وغياب المدعومة منها.
لا يترك التجار فرصةً إلا ويستغلونها لتحقيق أرباح إضافية على حساب جوع الناس وفقرهم، بالرغم من كل الحملات والصرخات التي يطلقها الناس عن عوز وقلة حيلة، وفيما يواصل جهاز أمن الدولة دهم بعض المحال للكشف عن المواد المدعومة، وسط غياب وزارة الإقتصاد وجمعية حماية المستهلك، يتذاكى التجّار على الدولة وعناصرها فيعرضون جزءاً صغيراً من المدعوم بحضور العناصر الأمنية، قبل أن يعودوا إلى سابق عهدهم ما إن تغادر، فيخفون البضائع ويفرغون بعضها بأكياس أخرى ويبيعونها على أساس الأسعار العادية.
يقول الأستاذ فداء ع. المتعاقد في التعليم الرسمي لـ”نداء الوطن” إنّ “حملة مقاطعة شراء البضائع منطلقة منذ زمن بين أساتذة التعليم الخاص ومتعاقدي الرسمي، فالمعاشات تكاد تكون معدومة وأوضاعنا الإقتصادية في الحضيض منذ بداية جائحة “كورونا”، أي مع إقفال المدارس الذي بدأ مطلع شباط عام 2021، وقد تخلينا عن الكثير من اللوازم والأمور الحياتية، وزيارتنا للسوبرماركت والمحال أصبحت نادرة وكل شهرين أو ثلاثة مرة إلا فيما ندر لشراء الضروري جداً، فمعاشتنا لم تعد تستطيع أن تواكب غلاء الأسعار ونحن بالأصل لا نقبض راتباً كاملاً، والفئة الكبرى المتضرّرة من الواقع الذي وصلنا إليه هم الأساتذة المتعاقدون وأساتذة التعليم الخاص الذين بات وضعهم يشبه عمال الأجر اليومي”.
من جهتها، أشارت رئيسة نقابة معلمي المدارس الخاصة في بعلبك الدكتورة عبير طه لـ”نداء الوطن” الى “أنّ معلمي القطاع الخاص في المحافظة يؤيّدون الحملة، فمعاناتهم بعدم دفع المعاشات من قبل المدارس أصبحت لا تحتمل، فالأهل لا يدفعون الأقساط وبالتالي تعجز المدارس عن دفع المعاشات للمدرّسين والتي يعتمدون عليها لتسيير أمور حياتهم، ورفع الأسعار يفقد السيولة من بين ايدي الأهالي وبالتالي يعجزون عن دفع متوجباتهم تجاه المدارس ما ينعكس على المعلمين الذين أصبح معاش الواحد منهم لا يتجاوز الخمسين دولاراً”. وأكّدت “أنّ معظم الأساتذة وصل بهم الحال إلى عدم قدرتهم على شراء ربطة الخبز، وهم لا يتقاضون أي رواتب منذ ثلاث أشهر”، مطالبةً الدولة بدفع مستحقات المدارس الخاصة من المنح المدرسية.
مقاطعة شراء البضائع والحاجيات يقابلها مقاطعة إرادية لشراء اللحوم التي حلقت أسعارها وأصبحت بعيدة المنال للكثيرين، فسعر كيلو لحم البقر يفوق الـ60 ألف ليرة، أما أسعار لحوم الغنم فلا أحد يسأل عنها لأنها أصبحت من الكماليات. وكما كل المواد تغيب اللحوم المدعومة عن السوق ويحتكر رؤوس الأبقار والأغنام اصحاب المزارع المدعومين ولا يقومون بتسليمها إلى أصحاب الملاحم.
وعليه، نفّذ عدد من قصابي بعلبك إعتصاماً عند مدخل المدينة الجنوبي إحتجاجاً على عدم تسليمهم الأبقار المدعومة، وأشار أحد القصابين لـ”نداء الوطن” الى “أنّ أكثر من 50 قصاباً أقفلوا ملاحمهم ولم يستلموا المدعوم، فهناك جهات تقف خلف ما يحصل، فالبعض تسلّم كمّيات ووزّعها على أقربائه، ونحن كنّا سابقاً نستلم من المزارع أمّا اليوم وبسبب شحّ الأبقار هناك بعض التجّار يقومون بتسليم قصّابي المنطقة ويوزّعونها وِفق المحسوبيات”، مشيراً الى “أن وزارة الزارعة سلّمت الأبقار المدعومة لأحد أصحاب المزارع والذي بدوره سلّم قصاباً م. م. من بعلبك 25 رأساً من البقر ليصار إلى توزيعهاعلى القصابين لكنه باعها وِفق الأسعار العادية”.