IMLebanon

السائقون العموميون: صرخة استغاثة وخطة لدعم المحروقات وإعفاء من “المعاينة”

كتب محمد دهشة في صحيفة نداء الوطن:

يصبّ أبو علي درويش، أحد السائقين العموميين، جام غضبه على المسؤولين الذين يديرون ظهورهم لمعالجة مشاكلهم المتوالية، وهم يترنّحون تحت عبء جائحة “كورونا” والضائقة المعيشية، مع الغلاء وارتفاع ثمن صفيحتي البنزين والمازوت مع رفع الدعم تدريجياً عن المحروقات وعدم تطبيق الاعفاء من رسوم الميكانيك بعد اقراره.

يتّكىء “ابو علي” على باب حافلته المفتوح في الموقف المخصّص لهم عند طريق الكورنيش البحري في صيدا، حيث احتشد العشرات من زملائه ونظّموا وقفة احتجاج بالتزامن مع المناطق كافة بدعوة اتحادات ونقابات قطاع النقل البري، يتأفّف من ضيق الحال وهو ينظر الى محرّكها الذي توقف فجأة بعد عطل أصاب “الشاكوش”، ما استدعى احضار ميكانيكي لاصلاحه رغبة بالتوفير. يقول لـ”نداء الوطن”: “كل شيء غال حتى أجرة نقل الحافلة الى الكاراج”، قبل أن يضيف “احتاج للعمل خمسة ايام متواصلة لتسديد كلفة التصليح، لم يعد بمقدورنا الصمود في هذه الازمة المتفاقمة”.

ويشكو السائقون العموميون من المشاكل المزمنة التي تؤرق حياتهم ولقمة عيشهم، بدأت مع قانون السير الجديد وامتدّت الى غرامات المخالفات الباهظة، ووصلت اليوم الى المعاينة الميكانيكية ورفع الدعم عن المحروقات.

ويقول نائب رئيس نقابة السيارات العمومية في الجنوب ابراهيم البخاري: “نظرا للظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يمرّ بها البلد عموماً والسائقون خصوصاً والمخاوف من رفع الدعم عن المحروقات التي هي من صلب عمل الآليات، نطالب المعنيين بإيجاد خطة دعم للمحروقات أي بتحديد سقف لسعر المحروقات. كما نطالب بخطة دعم لقطع الغيار التي لم يعد باستطاعة السائق تحمّل اعبائها، وتطبيق خطة النقل بمندرجاتها كافة وأهمّها توقيف السيارات الخصوصية”، داعياً “الدولة الى دعم قطاع النقل البري باعتباره الشريان الحيوي الوحيد للنقل في لبنان دون سواه”.

في الموقف، جلس بعض السائقين وقد استنكفوا عن لبس الكمامات كتعبير عن الغضب، يعتقدون خطأ أنهم يضرّون المسؤولين ولكنهم في الحقيقة يعرّضون أنفسهم لخطر الاصابة بالوباء، وباعتقادهم ان الجوع والفقر المدقع سيان. يقول السائق حسين: “المرض ليس أقلّ خطراً من الجوع ووجع ثمن صفيحة البنزين، لا نريد المفاضلة بينهما ولكننا عاجزون عن شراء الكمّامات ومواد التعقيم، ولا احد يسمع معاناتنا او يسعى الى دعم قطاعنا الذي يحتضر سائقوه”.

ويترنح سائقو السيارات العمومية بين ناري جنون البنزين والالتزام بتسعيرة النقل، ليدفعوا الفاتورة مضاعفة قلقاً على لقمة عيشهم وخوفاً على مستقبلهم واولادهم من الآتي الاعظم، يقول ابو محمد “لقد ارتفع سعر كل شيء “من البابوج الى الطربوش” وبقيت اجرة النقل كما هي، لا تسد رمقنا ونتقاسم مأساتنا مع المواطنين الذين ما زالوا يستقلون النقل العام”.

ويشاطره الرأي زميله ابو صلاح الذي يقول: “الدولة فرضت علينا سابقاً عدم استعمال موتورات المازوت حفاظاً على البيئة وللحدّ من التلوث، ولكنها لم تؤمّن البديل”، متسائلاً “أين المواطن في قاموس اهتمامها.. نريد أن نشعر أنّ لنا حقوقاً وليس علينا واجبات فقط”، قبل أن يضيف “مضى على عملي 20 عاماً ولكنني لم أعش مثل هذه الأيام من الضنك، ما نحصّله طوال يوم من التعب والارهاق ندفعه في نهاية النهار ثمناً للبنزين وبالكاد نؤمن قوت العائلة، المهنة لم تعد تغني أو تسمن من جوع، إنّها مهنة من لا مهنة له”.