اوضح مكتب الادعاء التابع لنقابة المحامين، الذي يتولى الدفاع عن حقوق المتضررين وأهالي الضحايا في جريمة تفجير مرفأ بيروت في بيان ان “بعض الصحف ووسائل الإعلام تتناول في الأيام الأخيرة خبر إصدار رئيسة دائرة تنفيذ بيروت القاضية نجاح عيتاني قرارا بالحجز على المبالغ المتوجبة، والتي سوف تتوجب لإدارة واستثمار مرفأ بيروت بذمة بعض الأشخاص الثالثين ضمانة لاستيفاء، طالبتي الحجز، التعويضات المتوجبة لهما من جراء فقدان زوج أو إبن نتيجة كارثة المرفأ.
وقد جرى مقاربة هذه المسألة في توقيت مشبوه، بعد حوالى أربعة أشهر على صدور قراري الحجز، بشكل يبرئ إدارة واستثمار المرفأ ويصور الوضع كأن قرار الحجز يحول هذه الإدارة إلى صندوق تعويضات.
إزاء ما تقدم، يهم مكتب الإدعاء إبداء ما يلي:
1- إن مكتب الإدعاء حريص على إظهار الحقيقة كاملة في جريمة التفجير، وهو يتابع التحقيقات بصورة حثيثة ومتواصلة، سعيا إلى كشف الحقيقة كاملة حول جريمة العصر، إلا أنه في موازاة ذلك، ثمة حقوق لأهالي الضحايا والمتضررين، والمكتب لن يهمل هذا الشق من القضية. وفي إطار هذه المتابعة على أكثر من صعيد، يجب فهم طلبات وقرارات الحجز.
2- من مراجعة المقالات التي انتقدت قرارات حضرة رئيسة دائرة التنفيذ في بيروت بشكل سلبي، تبين أن هذه الإنتقادات تستند إلى حجتين:
أ – الحجة الأولى: إن إدارة واستثمار مرفأ بيروت هي إدارة عامة بحسب الآراء المنتقدة.
ب – الحجة الثانية: إن أموال إدارة واستثمار مرفأ بيروت هي أموال عامة بحسب الآراء نفسها هذه.
أ – بالنسبة للحجة الأولى:
يوضح مكتب الإدعاء ما يلي: إن إدارة واستثمار مرفأ بيروت تقدمت مباشرة بواسطة وكيلها القانوني بادعاء أمام النيابة العامة التمييزية بموضوع تفجير المرفأ. كما قامت بتوكيل محام مباشرة للمرافعة والمدافعة عنها في الشكوى تلك، كما في إدعاء حضرة المحقق العدلي عليها، وكذلك في الإعتراض على قرار الحجز. وقبل ذلك، فقد مثلت وتمثلت إدارة وإستثمار مرفأ بيروت، طوال أكثر من ثلاثين سنة، بصفة مدعية أو مدعى عليها مباشرة أمام القضاء العدلي، ويحكم عليها بإلزامات مدنية. كما أن موازنة إدارة واستثمار المرفأ لا تدخل في موازنة الدولة العامة منذ عشرات السنين.
ولو كانت إدارة واستثمار مرفأ بيروت إدارة عامة، لما مثلت في الدعاوى مباشرة، ولما تمكنت من توكيل المحامين، ولما كانت موازنتها مستقلة تماما عن موازنة الدولة، ولكانت الدولة هي التي مثلت كمدعية أو كمدعى عليها محلها، ولتمثلت الدولة بهيئة القضايا وليس بمحام مفوض مباشرة من مدير عام إدارة واستثمار مرفأ بيروت ، ولكانت موازنة إدارة وإستثمار مرفأ بيروت جزءا من موازنة الدولة عملا بقاعدة وحدة موازنة الدولة.
أكثر من ذلك، إن إدارة واستثمار مرفأ بيروت ليست مؤسسة عامة، لأن المادة 3 من النظام العام للمؤسسات العامة تنص على أنه تنشأ المؤسسات العامة وتدمج وتلغى بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء. ولم يصدر أي مرسوم بإنشاء إدارة واستثمار مرفأ بيروت في أي يوم من الأيام. وبالتالي، فإدارة واستثمار مرفأ بيروت تتعامل كأنها شخص من أشخاص القانون الخاص منذ ثلاثين سنة.
ب – بالنسبة للحجة الثانية:
يوضح مكتب الإدعاء بادئ ذي بدء أن قرار الحجز طال أموالا متوجبة أو سوف تتوجب لإدارة استثمار مرفأ بيروت بذمة أشخاص ثالثين.
وفي مطلق الأحوال، إن صرف الأموال العامة يخضع لأصول منصوص عنها في قانون المحاسبة العمومية. وفي واقع الأمور منذ ثلاثين سنة، إن صرف أموال إدارة واستثمار مرفأ بيروت لم يخضع يوما لأصول المحاسبة العمومية، ولا يخضع لرقابة ديوان المحاسبة المسبقة أو اللاحقة، وإدارة واستثمار المرفأ لا تخضع لرقابة الهيئات الرقابية، ورئيس إدارة واستثمار مرفأ بيروت أكد في أكثر من مقابلة صحفية أن إدارة واستثمار مرفأ بيروت تعمل كشركة خاصة.
فضلا عما تقدم، إن أموال إدارة واستثمار مرفأ بيروت تودع منذ عشرات السنين في حسابات خاصة وفي مصارف خاصة، علما أن المادة 242 من قانون المحاسبة العمومية توجب إيداع الأموال العامة في حساب الخزينة في مصرف لبنان، والمادة 242 من القانون المذكور تحظر على أشخاص القانون العام إيداع الأموال العامة في مصارف خاصة أو حتى في حسابات خاصة في مصرف لبنان. وبالتالي، فأموال إدارة واستثمار مرفأ بيروت لا تخضع للنظام القانوني للأموال العامة أو لقانون المحاسبة العمومية منذ ثلاثين سنة، وإنفاق هذه الأموال ليس فيه أي من ميزات صرف الأموال العامة.
ج – وفي الخلاصة، لو كانت أموال إدارة واستثمار مرفأ بيروت أموالا عامة، لوجب إحالة كل إنفاق هذه الإدارة منذ ثلاثين سنة وحتى تاريخه، والمسؤولين عن هذا الإنفاق ، إلى النيابة العامة المالية لعدم مراعاة قانون المحاسبة العمومية في إنفاق الأموال العامة.
3 – إن قرار مجلس الوزراء رقم (6) تاريخ 22/4/1997 المتعلق بتشكيل لجنة جديدة لإدارة واستثمار مرفأ بيروت وتحديد بعض مهامها نص على “متابعة إدارة واستثمار مرفأ بيروت وفقا لأصول الاستثمار والأنظمة التي كانت تتبعها وتطبقها شركة مرفأ وأرصفة وحواصل بيروت في إدارتها واستثمارها المرفأ وتتمتع بالصلاحيات ذاتها التي كان يتمتع بها مجلس إدارة الشركة المنتهية مدتها”، علما، أن الفقرة الثامنة من القانون رقم 31/5/1960 الذي نظم العلاقة بين الدولة اللبنانية وشركة مرفأ وأرصفة وحواصل بيروت نصت على أن “جميع العقود الجارية وجميع الدعاوى القضائية وكل الحقوق والواجبات المتعلقة باستثمار المرفأ والأرصفة والحواصل تبقى على عاتق شركة الإدارة. وكذلك، يبقى على عاتقها الموظفون وما لهم من حقوق وقدامة بما في ذلك تعويض الصرف من الخدمة”. وبالتالي، فإدارة واستثمار مرفأ بيروت ما زالت تخضع لأصول الاستثمار والأنظمة التي كانت تتبعها وتطبقها شركة مرفأ وأرصفة وحواصل بيروت ش.م.ل. حتى سنة 1990، ولجنتها “الموقتة” تتمتع واقعا بصلاحيات مجلس إدارة الشركة المذكورة ذاتها.
4 – يستنتج مما تقدم، أن الآراء التي تناقض الشروحات المبينة أعلاه، تجافي الواقع الفعلي لطريقة عمل إدارة واستثمار مرفأ بيروت منذ ثلاثين سنة ولغاية تاريخه.
5 – يرى مكتب الإدعاء، إزاء الحملة المنظمة ضد الإجراءات المتخذة حفاظا على حقوق أهالي الضحايا والمتضررين، أنه يحق لهؤلاء أن يسألوا مطلقي هذه الحملة، من بنظرهم سيعوض عليهم عن الويلات التي لحقت بهم من جراء كارثة العصر؟ وكيف السبيل للتعويض عليهم بتعويضات موازية للحد الأدنى من الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهم؟ وما أسباب هذه الحملة الموجهة ضد مطالبة شخص مسؤول مباشرة عن كارثة بالتعويض؟”
وختم البيان: “إن مكتب الإدعاء يضع هذه الحقائق وهذه التساؤلات برسم الرأي العام ويرى في المواقف التي تتخذ بشأنها مؤشرا إلى حجم المؤامرة المتحكمة برقاب هذا الشعب الطيب”.