كتب مايز عبيد في نداء الوطن:
رمضانٌ آخر وجديد يأتي على مدينة طرابلس؛ لا يشبه غيره من الأشهر. فهذا الشهر الذي ينتظره الطرابلسيون بلهفة وينتظره أهالي الشمال ليتفرّجوا على روعة الشهر الكريم وجمال أجوائه من عاصمة الشمال طرابلس، يمر هذه السنة وسط سيل من المصاعب والأزمات التي تتهدد معيشة الناس.
ويحلّ رمضان الأسبوع المقبل في أجواء صعبة على مختلف الأصعدة. فالغلاء وارتفاع الأسعار قوّضا القدرة الشرائية لدى المواطنين والمؤسسات، وأوضاع “كورونا” والإقفالات المتكررة أثّرت بشكل سلبي على الأسواق والمطاعم والتجار، فاختفت البهجة التي كانت تظلّل المدينة وأيامها ولياليها، وتجعلها تتألق في رمضان كما في كافة الأعياد.
والحديث عن الأجواء الرمضانية يدفعنا إلى التساؤل عن الزينة الرمضانية التي كانت تزدان بها طرابلس وأسواقها وشوارعها في السنوات الماضية. فباستثناء ما يُحكى عن قيام بلدية طرابلس يوم الأحد المقبل بتعليق بعض ما لديها من زينة وإنارة قديمة، فلا شيء يذكر على هذا الصعيد. ولكون الزينة تعود إلى السنوات السابقة، فلن تكون بالتالي كما يتلاءم مع ما هو جديد. أما البرامج والعروضات والمبادرات التي كانت تتخلل الشهر الكريم وتسبق عيد الفطر؛ فلا شيء يُذكر على هذا الصعيد، ومردّ كل ذلك إلى الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية الصعبة التي تمر بها مدينة طرابلس ويمر بها لبنان بشكل عام. أما الليالي الجميلة التي كانت ترسم بهجة المدينة وفرحها قبل رمضان وأثناءه وبعده فصارت جزءاً من الماضي الجميل الذي كانت تعيشه قبل أن يحل بها ما حلّ من فقر.
تجدر الإشارة إلى أنّ أسعار الزينة الرمضانية والإنارة ارتفعت بشكل كبير وهي تُباع على سعر دولار السوق السوداء.
إنها من الحالات الصعبة والنادرة أن تتجول في مدينة الفيحاء ولا تشعر بأجواء رمضانية والأسواق في حركتها وضجّتها، حيث تصل الليل بالنهار في حركة دائمة لا تهدأ.
المحلات ذاتها في قلب الأسواق والتي كانت تضع بعض زينة رمضان والأعياد من تلقاء ذاتها، لم يعد لدى أصحابها القدرة على القيام بذلك. فبعضهم أقفل وخرج من عالم السوق المتقهقر، والبعض الآخر ما زال يفتح أمام الزبائن المفقودين إلى حين؛ لكنّ انتظارهم فترات الأعياد والمناسبات لم ولن يغيّر شيئاً في معادلة الجمود الحاصل.
ويعبّر الطرابلسيون عن حنينهم إلى طرابلس أيام زمان ورمضان أيام زمان على وسائل التواصل الإجتماعي، لاسيما عند قيامهم بجولات داخل طرابلس وأسواقها، يستطلعون الأوضاع التي وصلت إليها مدينتهم التي تراجعت فيها الحركة بشكل واسع، وغابت عنها الأجواء الجميلة، وصارت أوضاع العائلات فيها صعبة للغاية. لكن يبقى الأمل لديهم بأن مدينتهم لا بدّ أن تعود إلى طبيعتها في يوم من الأيام؛ وأن يعود إلى شوارعها وساحاتها ذاك الألق المفقود؛ وتبقى طرابلس بالنسبة إليهم أجمل المدائن، مهما حصل ومهما جرى.