استقبل البطريرك الماروني قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون، في زيارة تهنئة بالفصح. وثمّن الراعي دور المؤسسة العسكرية “في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها لبنان”، داعيا الجميع الى “الوقوف الى جانبها ودعمها لانها ركن أساس من اركان هذا الوطن في تعاطيها وتفانيها في سبيل حفظ أمنه والذود عنه”… تأتي الزيارة هذه بين الرجلين، في وقت تمر البلاد بظروف معيشية لم تعرف مثيلا لها في تاريخها الحديث، انعكست بتداعياتها السلبية على المؤسسة العسكرية. فتماما كما يعاني المواطنون الأمرّين لتأمين لقمة عيشهم، بعد ان باتوا فقراء وبلا وظائف، في ظل غلاء فاحش أصاب اسعار كلّ شيء، وزادها اضعافا مضاعفة، من السلع الحيوية والاولية الى المأكولات والطبابة، بفعل التضخم المخيف الآخذ في التوسّع بشكل دراماتيكي منذ اشهر، هكذا ايضا يعاني العسكريون.
فقبيل توجّه القائد عون الى بكركي بساعات، كانت نائبة رئيس حكومة تصريف الأعمال وزير الدفاع زينة عكر، تطمئن عناصر الجيش الى انها تبذل كل الجهود للحفاظ على المستوى المعيشي والصحي اللائق بهم. وخلال تفقدها عددا من ألوية وأفواج الجيش اللبناني في البقاع، أسفت وزيرة الدفاع للأوضاع المعيشية المتردية التي يعاني منها عناصرالجيش، إذ تقلصت رواتبهم بشكل كبير (85% قيمة الليرة مقابل الدولار) وباتت لا تكفي لسد حاجاتهم وحاجات عائلاتهم وتنقلاتهم اليومية من والى ثكناتهم ومراكز خدمتهم، وأكدت أمامهم العمل على الحفاظ على المستوى المطلوب من الإستشفاء والطبابة، داعية العسكريين الى مواصلة جهودهم وعدم الإنجرار الى ما يمكن أن يثنيهم عن القيام بواجباتهم لأنهم صمام الأمان من أجل حماية سيادة لبنان وشعبه وأمنه وإستقراره.
المطلوب من الجيش اذا كبيرٌ، تقول مصادر سياسية سيادية لـ”المركزية”، أكان على صعيد الامن الداخلي، او على صعيد ضبط الحدود، في الشمال والبقاع حيث الارهاب والتهريب او جنوبا حيث العدو الاسرائيلي، كما تلعب المؤسسة دورا بارزا في عملية ترسيم الحدود البحرية، ليس فقط مع الكيان العبري حيث كان وفد عسكري يضطلع بالمفاوضات مع الاسرائيليين برعاية الامم المتحدة، قبل ان تتوقف، بل ايضا مع سوريا، وقد كلف رئيس الجمهورية ميشال عون منذ ايام، الوفد العسكري نفسه، الذي يفاوض في الناقورة بالتواصل مع الجانب السوري لايجاد تفاهم حول الخريطة التي رسمتها دمشق، وخاصة في البلوك رقم واحد، لكونها مُتداخلة مع البلوك رقم 1 والبلوك رقم 2 من الجانب اللبناني، وتسمح لسوريا بوضع اليد على نحو 750 كلم مربعا من البلوكات اللبنانية…
وفي مقابل هذه المهامّ الجسام، تتابع المصادر، وبينما البلاد تغلي شعبيا واجتماعيا، القوى السياسية لا تضطلع بمسؤولياتها، وتواصل معاركها الخاصة والحزبية، معيقة الحلول المطلوبة، وتضع الجيش، وعناصرَه المنهكين، في بوز المدفع، طالبة منه التصدي لاي تحركات على الارض، والحفاظ على الامن ومنع سقوط الاستقرار. كل ذلك بينما تتعرض قيادته بين الفينة والاخرى لحملات تخوين وتحريض. هذا الواقع اذا استمر، فإنه يتهدد أداء الجيش وحيويته ومستقبله كمؤسسة، وهذا ما حذر منه منذ اسابيع العماد عون في كلمته “الشهيرة”.. فهل هذا التفتّت مطلوب في سياق مخطّط إسقاط لبنان الدولة وهيكلها، سيما وان المجتمع الدولي ينبّه من الأسوأ الآتي ويخشى من حدث كبير وخطير بات وشيكا؟