أكد متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده أن “الكبرياء تعمي صاحبها، فيمر عمره وهو يظن أنه يفعل الخير، فلا يستمع إلى من يقدم له النصح، بل يعمل بما تمليه عليه أناه، ولا يعرف حقيقة نفسه إلا عندما يغادر هذه الأرض ويقف أمام الديان العادل”، معتبرا أنه “على المسؤول الحقيقي أن يتسم بالتواضع، ويسمع كل كلمة توجه إليه، من أي كان، ويحاول العمل بالنصائح، عوض تجييش مناصريه، وفي عصرنا جيوشه الإلكترونية، بغية إسكات الآخرين، مدفوعا من كبريائه القاتلة”.
وأضاف في عظة الأحد: “في بلدنا، لا نسمع إلا مسؤولين يدينون بعضهم بعضا ويتبادلون الإتهامات”، متسائلا: “هل أصبحت المسؤولية إدانة للآخر بدلا من العمل معه من أجل الخير العام؟”، مؤكدا أنهم “جميعهم يتذمرون من الوضع ويشكون من الفساد، لكنهم يتهربون من التدقيق الجنائي ومن كل تدقيق ومحاسبة”، متسائلا مرة أخرى: “ترى هل يخشى البريء من المحاكمة؟ لم يتضع واحد منهم ليتحمل مسؤولية أي إساءة بحق المواطنين”.
وتابع عوده: “ثمانية أشهر مرت ولم يعرف مفجرو بيروت. سنوات من الظلمة، ولم يعلن عن المسؤولين عن غياب خطط لإنماء قطاع الكهرباء. انهيار مالي واقتصادي، وما من مسؤول واضح”، مؤكدا أن “الشعب موجوع، مريض، جائع، يائس، لذا عليه محاسبة كل مسؤول، وعدم الإنجرار وراء الزعماء بطريقة لا واعية”.
وتابع: “المسؤول، كما يقول القديس يوحنا السلمي، يمتلك الوداعة التي هي سكون للنفس، وتقبل الإهانات والكرامات بحال واحد على السواء. فغضب المسؤولين لا يسمح به، لأنهم لو كانوا يعملون حقا، لما وجدوا وقتا للتفاهات الناتجة من الغضب، كردود الفعل والردود المضادة، بل لكانوا افتدوا الوقت وجدوا في سبيل إيجاد المخارج الناجعة، والنافعة للجميع، ولكنا أصبحنا مثلا يحتذى في القيادة واستغلال الطاقات بأحسن الطرق، عوض أن نتصدر الأخبار كمثل عن تفشي وباء الفساد والإستزلام والفتك بالشعب وطاقاته”.
وأضاف متحسرا: “لقد كان لبنان واحة الشرق بجمال طبيعته، وجامعة الشرق التي يقصدها طالبو العلم والمعرفة من كل صوب، ومستشفى الشرق الذي يداوي محيطه. كان موئل الأحرار ومثال الإنفتاح والتنوع والحرية والديمقراطية”، متسائلا: “أين هو الآن؟ إنه بلد مفلس، منهار، مظلم، فاسد، معزول عن العالم، مؤسساته التعليمية والاستشفائية مهددة بالإغلاق، تجاره مفلسون، شعبه يائس، أطباؤه وممرضوه وشاباته وشبابه يهجرونه ويلمعون في آفاق الأرض، لأن فرصا كثيرة تعطى لهم، فيما هم مقموعون في وطنهم”، لافتا إلى أننا “نفقد طاقاتنا التي هي عماد الوطن وركيزة الاقتصاد. أصبحنا بلدا يدمن تفويت الفرص وتضييع الوقت”، مضيفا: “أصبحنا عاجزين حتى عن تأليف حكومة تتولى زمام الأمور وتقوم بالإصلاحات الضرورية لضخ بعض الأوكسجين في رئتي البلد”.
وأمل عوده أن “تثمر الإتصالات الجارية فتبصر الحكومة النور في أسرع وقت ممكن، كي لا يستمر المواطنون في دفع ثمن خلافات السياسيين”، مشيرا إلى أنه “إذا كان الجميع متفقين على حكومة أعضاؤها اختصاصيون مستقلون منسجمون متناغمون، فلم الاختلاف إذا على الحصص؟”، متسائلا: “أليست الكفاءة والاختصاص والخبرة هي التي سيعطى الوزراء الثقة على أساسها؟ أم تريدونهم أتباعا مأمورين؟”.