كتب عماد موسى في “نداء الوطن”:
ما يغبطنا كلبنانيين أن بلدنا نقطة جذب. فـ 44 دولة تساهم في قوات اليونيفيل، بين وحدات عسكرية وموظفين وتقنيين ولوجستيين، وبياطرة…وبفضلها ينعم الجنوب منذ 15 عاماً باستقرار تقطعه من وقت إلى آخر مواجهات محدودة بين وحدات “حزب الله” وجيش العدو، من دون إغفال المناوشات بين “الأهالي” وبعض دوريات اليونيفيل، التي لا تحترم البروتوكول – الإطار الذي وضعه “الأهالي” لتحديد المسموح والممنوع في عمل القوات الدولية.
أيضاً يغبطنا تمايزنا عن باقي الشعوب والقبائل المتناحرة، أننا استقبلنا في جبل لبنان أول قوة حفظ سلام في التاريخ في العام 1861، وما زلنا مذّاك التاريخ، وقبله بكثير، نستقبل ونودّع. بلدنا مفتوح دائماً. إحتلّه الأتراك والفرنسيون دخل إليه الإخوة السوريون من دون استئذان، مدنيين وجنوداً ونازحين وعلى قلبنا مثل العسل. دخلت قوات عربية. حارب على أرضه متطوّعون أمميون إلى جانب المقاومة الفلسطينية، اجتاحه الإسرائيليون، استضاف قوة متعددة الجنسيات وأحسن الضيافة بتفجير مقري المارينز والمظليين الفرنسيين في ثمانينات القرن الماضي. ودخل إلى بلدنا قادة الحرس الثوري، ويقيم فيه، لأجل غير مسمى، إخوة فلسطينيون وقوى مخابراتية نعتز بصداقتها.
ونحن المغتبطين، ترقص عظامنا فرحاً، عندما نسمع البهدلة تلو الأخرى، يوجّهها ناظر الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان إلى مسؤولينا العديمي المسؤولية المتقاعسين عن “تقديم المساعدة” لمواطنيهم ولا يزعجنا أبداً مشاركة المصريين والسعوديين والقطريين والإماراتيين والأتراك في تسهيل ولادة الحكومة المنشودة. ونشد على يد دوروثي شيا كلما رفعت صوتها بوجه فاقدي الإحساس الوطني، ولا نتضايق أبداً من وصاية صندوق النقد الدولي ونعوّل على فلاديمير بوتين للتدخل لدى الإيرانيين كي يتدخلوا لدى “حزب الله “، كي يتدخل لدى الرئيس القوي كي “يلحلحها” قليلاً ويعترف بالطاشناق جزءاً لا يتجزّأ من كتلته النيابية و”كعكته” الوزارية.
ونحن شعوب لبنان، نتطلع اليوم إلى نظام جديد يولد من رحم توافق تركي، سعودي، إيراني، فرنسي، أميركي، سوري، قطري، عراقي، مصري، سويسري، إنكليزي ينتج عنه نظامٌ، هو مزيج من نظام المتصرفية ونظام الحمايات والإنتداب، فتترك بعبدا لساكنها مدى الحياة،على أن يخلفه على الكرسي رئيسٌ من طائفة الروم الأرثوذكس الكريمة تتوافق على تسميته الدول الخمس الدائمة العضوية + الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تُمنح وصاية على البيئة الحاضنة للمقاومة، كما تعطى تركيا حق حضانة الشمال وتعود روسيا إلى الكورة ومشارف زغرتا وقلب الأشرفية والمتن الشمالي، ويقسم جبل لبنان إلى مناطق نفوذ فرنسية وسويسرية ونمسوية. ويتولى الإنكليز قضاءي الشوف وعاليه وحاصبيا، وتعطى دول مجلس التعاون الخليجي حق حماية قصقص والطريق الجديدة والباشورة والشوف الساحلي وبعض قرى البقاع، وتشرف جمهورية مصر العربية على مدينة صيدا. وختاماً رجائي كمواطن لبناني سابق، أن تقع أدما تحت نير الإستعمار النمسوي!