كتبت أنديرا مطر في “القبس”:
رمضان اللبنانيين هذا العام لن يكون مشابهاً للأعوام السابقة. مظاهر وبهجة حلول الشهر الفضيل ستختفي عن نصف اللبنانيين جراء تردّي أوضاعهم المعيشية بفعل الأزمة الاقتصادية المستفحلة والأزمة الصحية المستمرة في حصد المزيد من الوفيات.
مشهد الطوابير يتكرّر في هذه الأيام مذكّراً بمعاناة الناس في الحرب الأهلية التي تحل ذكراها غداً، من الوقوف أمام الأفران لشراء ربطة الخبز بعد قرار النقابة بوقف توزيع الخبز، وحصر بيعه في صالات الأفران، إلى طوابير السيارات أمام محطات الوقود التي أغلقت بمعظمها بسبب شحّ في مادة البنزين.
في مطلع نيسان، أعلن نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فريد بلحاج، أن أكثر من %50 من اللبنانيين أصبحوا تحت خط الفقر.
نحو نصف اللبنانيين إذاً سيكتفون بالحد الأدنى من أطباق موائد الشهر الفضيل، وهي مكونة من أنواع السلطات والحساء، وسيضطرون إلى الاستغناء عما بات من الكماليات في إفطاراتهم.
ووفق دراسة لقياس أسعار المواد أو السلع الأساسية الصادرة عن وزارة الاقتصاد، فإن طبق الفتوش وحده لعائلة مكونة من 4 أشخاص سيكلف يومياً 40 ألف ليرة، مما يعني أن كلفة طبق الخضار هذا تصل إلى مليون ومئتي ألف ليرة شهرياً، هي ضعف الحد الأدنى للأجور.
ارتفاع الأسعار شمل أيضاً العصائر التي يتجاوز سعر الليتر منها العشرة آلاف ليرة، وكل أنواع الحبوب المكونة للحساء، ناهيك عن الدجاج واللحوم واللذين أصبحا حلم الطبقات الفقيرة مع وصول سعر كيلو لحم الضأن إلى 140 ألف ليرة، والبقر إلى 70 ألفاً.
بالأمس، أعلنت بلدية بريتال البقاعية أنه سيباع سعر كيلو اللحم بمبلغ 39 ألف ليرة للمستهلك كحد أقصى، أما لأصحاب الدخل اليومي فسيكون سعر كيلو اللحم 20 ألف ليرة فقط».
وفي محاولة للتخفيف من وطأة المعاناة المعيشية، تستعد الجمعيات الخيرية لاستقبال رمضان من خلال تحضير وجبات إفطار وتوزيعها على المحتاجين، الذين تضاعفت أعدادهم مع تصاعد الأزمة.
وإلى الجمعيات، برز نشاط لافت للأحزاب التي انتشرت صور «كراتين إعاشاتها»، معلنة أنها تتضامن مع «بيئاتها»، وستقوم بتوزيع حصص غذائية.
وليست مساعدات الأحزاب أمراً مستجداً في المشهد اللبناني، لاسيما خلال الأعياد. إلا أنها هذه المرة تأتي في خضم أزمة يجمع اللبنانيون على أن الطبقة السياسية هي السبب فيها.
ويبدو «حزب الله»، الذي رفع شعار «نخدمكم بأشفار عيننا» و«لن نجوع»، الأكثر نشاطاً في هذا السياق. وهو ينشط عبر حملة «وتعاونوا» في جمع التبرعات لمساندة المحتاجين في التّحضير للشّهر الفضيل. وتخصص الحملة مساعدات لحوالي 25 ألف عائلة وفق مدير الحملة عفيف شومان، علماً أنّ جميع هذه العائلات تقبعُ تحت خطّ الفقر، وهي موجودةٌ ضمن لوائح معدّة لدى القيّمين على الحملة. وتركّز الحملة على جمع التبرعات من المغتربين، وذلك لقدرتهم على إرسال الأموال بالدولار. وفي تغريدة له لحث المتبرعين كتب شومان قبل أيام: «بعد في أسبوع لشهر رمضان وباقيلنا ١٢ ألف حصة. باقيلنا مبلغ ١٢٠ ألف دولار، يلي قادر يساعد ويتبرع لحملة (وتعاونوا) أو معي، وبالقرض الحسن بحساب الحملة».
في تغريدة له، قبل أيام، كتب الإعلامي سامي كليب: «في لبنان خيراتٌ كبيرة طبيعية وبشرية، لماذا تريدونه متسوّلاً على أبواب الأمم؟»، فعلّق عليه أحد مناصري «حزب الله»: «لن نجوع. سلموا البلد لحزب الله وسترون العجب».