كتب روي أبو زيد في “نداء الوطن”:
هي إعلامية مثقّفة، واقعية ووطنّية بإمتياز. تحبّ رانيا الأشقر وطنها كثيراً، تعشقه وترفض مغادرتـــه. “نداء الوطن” تواصلت مع الاشقر التي تتحضّر لوضع مولودها الثالث واستفادت من جائحة “كورونا” كي تتفرّغ لأطروحة الدكتوراه.
ما الرسالة التي تريدين إيصالها في “فرقت على ثانية”؟
عرضته عليّ شاشة الـ”MTV” بدايةً كفقرة في إطار مشروع لمكافحة الإرهاب. لكنّ الفكرة تبلورت فنفّذناها في برنامج وثائقي- حواري لا يتخطّى النصف ساعة. اخترنا أن يكون غنيّاً، مقتضباً ويحاكي جمهور الـ”سوشيل ميديا” الذي لم يعد معتاداً على مشاهدة البرامج الطويلة. تناولنا موضوع الإنفجارات بشكل عام في الموسم الأول وتطرقنا في الثاني للإغتيالات السياسية. سلّطنا الضوء على الناحية الإنسانية كي نقول إننا ضدّ الإرهاب. نتناول تداعيات الحادثة على الأجيال اللاحقة. فالحرب مثلاً تركت آثاراً ما زلنا نعاني منها حتى اليوم. قد ينسى الناس الوقائع ولكن الصدمة سترافقهم طوال حياتهم. مشاعر الخوف والرعب التي يتخبط بها من شهد إنفجار المرفأ خير دليل على ذلك.
لماذا تسليط الضوء على الإغتيــــالات السياسية؟
للإجابة على السؤال الذي نطرحه اليوم: “لماذا لا يوجد في لبنان قادة حكماء ذوو ضمير حيّ؟” لأنه تمّ اغتيالهم جميعاً! لم يتركوا زعيماً واحداً “يفشلنا خلقنا” وهذا ما أردتُ إيصاله للرأي العام: كان بيار الجميّل قائداً في الصناعة، سمير قصير قائداً في الحريات، جبران تويني قائداً لقلمه، رفيق الحريري حدّث ولا حرج، باسل فليحان بالإقتصاد… إختار الإرهابيون هؤلاء القادة لأنهم ضمانة لاستمرارية الوطن ومن دونهم سنتخبّط بالظروف السيئة التي نعيشها اليوم!
ماذا عن اسم “فرقت على ثانية”؟
الثانية مهمّة جداً في حياتنا، كم من مرّة نقول فيها: “ع ثانية كنت عملت “accident” مثلاً، أو “ع ثانية كنت وقّعت أو تزوّجت أو…”. من هذا المنطلق قد تتغيّر حياتنا في ثانية واحدة!
أنت حامل وأمّ. أليست مخاطرة تأسيس عائلة في لبنان؟
بالطبع. لكننا ولدنا خلال الحرب وترعرعنا ونجحنا في ظروف صعبة للغاية يجب التعايش معها. نحن من نخلق الحياة والفرح والأمل. نستطيع أن نرسم حياتنا بالطريقة التي نريد بغضّ النظر عن الظروف العامة. أنا إيجابية وآمل أن تكون هذه الظروف وقتيّة. أريد أن يتكل أولادي على أنفسهم وأن يطوروا شخصيتهم ويحققوا أحلامهم في لبنان.
ألا تفكّرين بالهجرة. ألا يطالبـــك بها أولادك؟
الهجرة تفصيل في حياتنا. يجب ان نعيش في لبنان قبل اتّخاذ قرار المغادرة. أرفض الهجرة لكنني لا أمنع أولادي أو زوجي من بناء مستقبلهم في الخارج. أعشق لبنان ومغرمة بجبيل وبيروت. يتطلّع أولادي الى العيش في الغربة لاستكمال تحصيلهم العلمي. يقولون لي دائماً: “أنظري الى النفايات على الطرقات، الكهرباء مقطوعة، الطرقات غير صالحة…”. فأجيبهم: “لاحظوا الجانب المشرق من وطنكم: البحر والجبل والـ”ski” والمعالم الأثرية…” هكذا أربّيهم على حسّ المواطنة وأكون وفيّة لجذوري ووطني.
ولكننا مهدّدون بالموت بأيّ لحظة كما حصل في 4 آب!
إحتمال الإنفجار ضئيل جداً، ومن الممكن ان يحدث ذلك في أيّ مدينة بالعالم كما حصل في نيس وكان ولندن… لا يتكرّر هذا الحدث يومياً وفي نهاية المطاف علينا حماية أنفسنا والإتّكال على الله.
والوضع الإقتصادي المتردّي؟
يمكننا السفر الى الخارج وشراء كلّ ما نحتاجه من دون العيش في الغربة. هل من الضروري أن نلحق الدولار؟ ألا تفوق قيمنا الوطنية المال أهميةً؟ أنا أفهم العائلات التي تهاجر لتحافظ على استمراريّتها، لكنني سأبقى في لبنان حتى الرمق الأخير. مصر ودبي مثلاً “عم يقتلوا حالن ليصيروا مثل بيروت”. لبنان بلد غنيّ جداً ويمتلك مقوّمات العيش… وسنعيش فيه!
أنت إيجابية جداً ومتفائلة!
بالطبع أنا كذلك. فلبنان بلد غريب الأطوار يشبه دورة الحياة، تارةً يكون محلّقاً وطوراً يصبح “تحت الأرض”.
ما الذي ينقصنا لبناء الوطن الذي نحلم به وما رأيك بالثورة؟
اللبناني هو الاذكى في العالم والأغبى في الحفاظ على وطنه! لا يجب أن نتبع زعيماً أو طائفة بعد اليوم. زعماؤنا طائفيون بامتياز. أيّ حزب في لبنان ليس طائفياً؟ ضعوا الطائفية جانباً لتعيشوا في افضل وطن بالعالم! أما ثورة “17 تشرين” فهي الخطوة الأولى على طريق التغيير. المواطن يدرك واقعه المرير ويطالب بحقوقه. من كان يتجرّأ على مواجهة زعيمه الطائفي قبل هذه الثورة التي كسرت ألوهيّة الزعيم؟
ما الذي تعلّمته من تجربة “كورونا”؟
فرحتُ باجتماع العائلة مجدداً. أمضي وقتاً أطول مع زوجي وأولادي فنتفاعل سويّاً ونقوم بالمشاريع حتى في البيت. كذلك، استفدتُ من الجائحة للتفرّغ لأطروحة الدكتوراه. شهادتي في الأدب الفرنسي من جامعة القديس يوسف من ثمّ أكملت دراساتي العليا في إدارة المدارس والعلوم التربوية. لذا ارتأيتُ وإدارة الجامعة استكمال الدكتوراه في كليّة العلوم الإجتماعية بما أنني أسلّط الضوء على هذا النوع من المواضيع في مسيرتي الإعلامية. ستتمحور دراستي حول علاقة الإعلام والعلوم الإجتماعية، لأطرح في نهاية المطاف أصول أخلاقيات العمل الإجتماعي في التلفزيون.
ما هو حلمك في الحياة؟
أن نعيش في بلد يحقّق كل أحلامنا.