كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
باتت حدود لبنان مُشرّعة على كل العواصف والرياح الإقليمية والدولية، فبدل أن يكون هناك قرار من السلطة بحماية الحدود، ها هي تسكت عن قضم النظام السوري أجزاء من حدودنا البحرية تتخطّى الـ700 كلم مربّع.
في زمن الإنهيار، تعيش السلطة السياسية مرحلة انحطاط لا مثيل لها، فهي تسكت عن تصدير السلاح الإيراني عبر الحدود السورية إلى “حزب الله”، ومن جهة أخرى تساعد في استنزاف دولارات المودعين عبر عمليات التهريب المنظمة التي يستفيد منها النظام السوري.
ويُسقط النزاع الحدودي شمالاً كل مبرّرات وجود سلاح “حزب الله”، فالأمين العام لـ”الحزب” السيد حسن نصرالله يُصرّح دائماً أن هذا السلاح هو لحماية ثرواتنا ومن ضمنها الثروة النفطية، في حين أن الإشكال الحدودي في الشمال لا يحتاج إلى صواريخ وأسلحة وقدّ يُحلّ باتصال بين “حزب الله” وحليفه النظام السوري.
وتقع على عاتق السلطة السياسية مسؤولية التواصل مع النظام السوري، خصوصاً أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون هو صديق الرئيس السوري بشّار الأسد، لذلك هناك تخوّف من أن يلاقي هذا الملف ما لاقاه ملف المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية، لأن هذا العهد يُضحّي بكل شيء من أجل مصالحه الخاصة.
ويستطيع المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية لعب دور في النزاع الحدودي البحري بين لبنان وسوريا، لأنه أولاً الصديق الشخصي للأسد، وثانياً عبر المؤسسات الرسمية خصوصاً أن وزير الأشغال ميشال نجّار ينتمي إلى “المردة”، مع أن المسؤولية تقع أولاً وأخيراً على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الخارجية.
وأمام كل ما يحصل، يسأل البعض عن الدور الروسي في هذا النزاع، وعن إمكانية تدخّل موسكو من أجل حلّه لأن الشركة التي ستنقّب عن الغاز والنفط في الشمال روسية.
وفي هذا السياق، تؤكّد مصادر دبلوماسية مطلعة على الموقف الروسي لـ”نداء الوطن” أن روسيا هي صديقة للدولة اللبنانية كما هي صديقة لسوريا، ولا تدعم دولة على حساب اخرى، أو لديها أطماع، فصحيح أن الشركات الروسية تستثمر على طول الساحل السوري، إلاّ أنها أيضاً لها إستثمارات في الغاز والنفط والطاقة في لبنان.
وتلفت المصادر إلى أن الشركات الروسية دخلت مجال التنقيب عن النفط والغاز في لبنان، لذلك فإن هذا النزاع معني بحلّه كل من الدولتين اللبنانية والسورية.
وعن إمكانية تدخّل الدولة الروسية لحلّ هذا الخلاف، تقول المصادر: روسيا مستعدّة للدخول في أي وساطة، لكن هل الدولة اللبنانية والحكومة الحالية تعترفان بأن سوريا تقضم أجزاء من الحدود البحرية؟ وهل السلطة اللبنانية تُطالب باستعادة هذه الأجزاء إذا فعلاً ثبت وجود عمليات قضم؟
وتشدّد المصادر على أن السلطة في لبنان تضحّي بكل شيء من أجل بقائها وتأمين إستمراريتها، ولو كانت جادة في تأمين مصالح لبنان لكانت ألّفت حكومة سريعاً. لذلك، فان الدولة الروسية لا تعمل نتيجة تصريحات، فاذا كان رئيس الجمهورية والحكومة والمسؤولون يعتبرون أن هناك إنتهاكاً للحدود من قبل النظام السوري، فليخرجوا بموقف علني ويعترضوا عند النظام السوري، وإذا لم تُحلّ القضية بالحوار الثنائي فليطلبوا حينها وساطة موسكو، وإلا كل هذه الإعتراضات تبقى في إطار الإعلام وليست جديّة، والنقطة الأساس تبقى عند السلطة في لبنان.
تؤكّد موسكو وقوفها إلى جانب لبنان في كل ما يمرّ به، لكنها تعتبر منذ بداية إندلاع الأزمة أن الحلّ بيد اللبنانيين وليس بالتدخلات الخارجية، لذلك فانها تفقد الأمل من هذه السلطة لأنها لم تنتج حلولاً، بل تزيد الأزمات تعقيداً.