بين رئيس حكومة مكلّف يشق طريقه إلى موسكو غداً للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قبل أن يختتم الشهر في الفاتيكان حيث يستقبله البابا فرنسيس، وبين رئيس جمهورية مكلّف تنفيذ أجندة محور الممانعة في الإجهاز على الدولة وسلخ الكيان اللبناني عن هويته العربية وهواه الغربي، تراوح عربة البلد مكانها على سكة تتنازعها “أحصنة” رئاسية باتجاهات متناقضة، بينما لم يعد يفصل اللبنانيين سوى أمتار قليلة عن بلوغ حافة انهيار سحيق، تحت قيادة عهد عقيم لم يعد حتى حلفاؤه يرون في استمراره جدوى ولا منفعة… إلى درجة لم يتوان معها اللواء جميل السيّد عن إسداء رئيس الجمهورية ميشال عون نصيحة صريحة على الهواء بـ”الاستقالة” لإفساح المجال أمام “إعادة تكوين السلطة” من خلال إجراء انتخابات رئاسية ونيابية مبكّرة.
لكن، ولأنه “الجنرال” الذي خبره اللبنانيون جيداً وعايشوا ويلات عهده في الحرب والسلم، لا يبدو الرئيس عون في وارد التراجع عن معاركه العبثية، في “التأليف” و”التدقيق”… وصولاً إلى “الترسيم” حيث خاض منذ 1 تشرين الأول من العام الفائت حرباً ضروساً مع عين التينة لإسقاط “اتفاق الإطار” الذي أعلن رئيس المجلس النيابي نبيه بري التوصّل إليه مع الجانب الأميركي، فتربّص به وحاصره منذ الحين، تارةً في شكل الوفد وأخرى في عضويته، وطوراً في المزايدة عليه وتخوينه بالانتقاص من النطاق البحري للحدود اللبنانية، في سياق بدا أشبه بمعركة “ترسيم حدود بين “جُزُر” قوى 8 آذار الرئاسية والسياسية”، بحسب تعبير مصادر مواكبة لهذا الصراع الذي بلغ مداه أمس، مع تسليم برّي بالأمر الواقع على قاعدة “فخار يكسّر بعضو”.