كتب روي أبو زيد في “نداء الوطن”:
يطلق الفنان جورج نعمة اليوم أغنيته الجديدة “يمكن بكرا” على طريقة الفيديو كليب بتوقيع المخرج سمير سرياني، كلمات ناجي توا، ومن ألحان نعمة مع ألكساندر ميساكيان ورافقهما على العزف “Orchestra FESTIVAL 20-KIEV” . “نداء الوطن” تواصلت مع نعمة ودار هذا الحوار العفوي.
لماذا اخترت هذا التوقيت تحديداً لتُصدر الأغنية؟
أعمل على هذه الأغنية منذ عام تقريباً. وهي تعكس وضعنا الحالي، فالناس بحاجة للشعور بالحب والأمان، خصوصاً أنّ المسافات تباعدت والتفاعل قلّ كثيراً. نعيش اليوم مشاعر متفاوتة وذكريات ممزوجة بالأمل والفرح والحزن ما انعكس في كلمات الأغنية، ألحانها، توزيعها وإخراجها. “استوت” أحاسيس الناس وحاكتها أغنية “يمكن بكرا”. كان تنفيذ العمل صعباً من كتابة الكلمات، مروراً باللحن والتوزيع مع الفرقة الموسيقية في كييف، وصولاً الى التسجيل.
ما الذي يميّز موسيقى هذا العمل؟
الصوت الأوركستراليّ في العمل مستحضر منذ زمن بعيد وكأننا نستمع الى عمل سينمائي يعود لخمسينات القرن الفائت. وهكذا نُشعِر المستمعين بالدفء والحنين بفضل إخراج أوركستراليّ مُتقَن. ولا يوازي الشعور الذي يخالجك لدى سماع مئة عازف يقدّمون قطعة موسيقية مباشرة أيّ شعور آخر. خصوصاً أنّ ميساكيان أبدع بالتوزيع الموسيقي.
هل من رسالة معيّنة أردتَ إيصالها من خلال الـ”فيديو كليب”؟
العمل متناسق. لعب المخرج سمير سرياني على المشهدية العامة ليظهر العمل المصوّر وكأنّه مسرحيّ متناغم مع الموسيقى الأوركسترالية، لتكون النهاية حقيقية وواقعية عبر استعادة أجمل الذكريات في مقاطع فيديو مصوّرة. من منّا لا يتأثّر حين يتذكّر لحظات معيّنة تمّ تصويرها سابقاً؟ وصوّر سرياني أول دقيقتين من الكليب في مشهد واحد أو كما يسمّى بـ”One sequence shot”. كان تنفيذ المشهد صعباً ولا سيما أنّ التواصل البصري مع الكاميرا تمّ تنفيذه بإتقان كي يخترق العمل أعماق كلّ من يشاهده ويمسّه في مكان ما. لذا قدّمت دوراً تمثيلياً هادفاً. تجدر الإشارة إلى أنّ الإضاءة خدمت جوّ العمل العامّ.
لماذا أنت مقلٌّ بأعمالك؟
أتمهّل في تنفيذ كلّ عمل فني، خصوصاً أنّ العناصر الرئيسة يجب أن تكون مكتملة ومنفَّذة بطريقة صحيحة. فأنا انتقائي وحذر قبل اي اصدار جديد.
فكرة الألبوم الغنائي واردة بالنسبة لك؟
الأغاني حاضرة لكنّنا نعيش زمن الأغاني المنفردة، فضلاً عن أنّ الجوّ العام لا يسمح بإصدار ألبوم كامل. بالمقابل فكرة الألبوم الموسيقي واردة وأنا في طور العمل على هذا الموضوع.
ما الذي تعلّمته من تجربة “كورونا”؟
برهنت الجائحة أنّ الإنسان “ضعيف” و”صغير” جداً أمام عظمة الحياة. أيقنتُ أنّ “ما في شي بيحرز بهالدني”، والصحة عامل أساسي في حياة كلّ شخص. كذلك، منحتني الوقت الكافي لانتاج اعمال جديدة ولكني إشتقت كثيراً للمسرح الذي أخذ حيّزاً كبيراً من حياتي. يفترض أن يكون الناس قد تعلّموا بعض الدروس من هذه التجربة الصعبة. النسيان نعمة ولكن سيذكّرنا نمط حياتنا الجديد بتجاربنا الحالية. آمل أن يحافظ الناس على صحتهم وينظروا الى أنفسهم بعين الحب.
أتفكّر بالهجرة؟
تتطلّب طبيعة عملي السفر من وقت الى آخر، لكنّ موضوع الهجرة غير وارد بالنسبة إلي. وعلى الرغم من أنّ جنى عمر أهلي وأحبتي تبخر، ما زلت متشبّثاً بأرضي ووطني وأعتبر أنّ رسالتي المساهمة في رفع مستوى الفنّ المتردّي في لبنان. من الضروري أن نعيد المجد للأغنية اللبنانية. فالهويّة الفنية والثقافية تميّز بلداً عن آخر… لا يحقّ لنا أن ندفن هذه الهويّة لنجاري السوق. للأسف أصبح الفن تجارةً في وطننا. وأنا لست تاجراً بل فناناً!
هل سنستطيع بناء لبنان الحلم يوماً ما؟
كي نحقق الحلم ينبغي أن نتحاور بطريقةٍ مناسبة ونسخّر طاقاتنا في خدمة الرأي العام. التفاعل ضروري لبناء مشاريع مشتركة جماعية وليس فردية. التعاون والتضامن حجر الأساس للنهوض بالوطن عبر أهداف موحّدة. لبنان صغير جداً مقارنة مع المشاكل الكبيرة التي يتخبّط بها خصوصاً أنّ شعبه يبدع أينما حلّ. يضع الوضع اللبناني سقفاً لأحلامك ويمنعك من تحقيق ذاتك. وكأنّ البلد يقول لكلّ واحد منّا: “ممنوع أن تحلم!” لكنّ الخوف من الحلم خطيئة، لذا لا حدود لأحلامي خصوصاً أنها متعددة. أحلم بوطن حقيقي وبفن يليق بالناس اذ لا يجوز أن تكون أعمالنا الفنية الهابطة مرآة لنا كشعب لبناني. لذا علينا الحفاظ على إرثنا الوطني والفني لبناء مجتمع سليم وناجح.