جاء في المركزية:
كما ان لإيران أذرعا عسكرية كالحرس الثوري، والحوثيين في اليمن، والحشد الشعبي في العراق، وحزب الله في لبنان تصعّد من خلالها في المنطقة وتبعث رسائل ساخنة الى الولايات المتحدة الاميركية، فإن للأخيرة يدا عسكرية قوية، هي اسرائيل، تمارس من خلالها ضغطاً على ايران استخدمتها في الهجوم على منشآت نطنز النووية في ايران. ان ما يجري في المنطقة على اكثر من صعيد هو كناية عن رسائل مشفرة بعضها ساخن لتحسين الشروط خاصة في المفاوضات التي تستخدم ايران كل اوراقها التصعيدية لا سيما في لبنان عبر عرقلة تشكيل الحكومة رغم كثافة الضغط للافراج عنها. فهل من حرب اميركية- ايرانية بالواسطة في المنطقة؟
العميد المتقاعد نزار عبد القادر قال لـ”المركزية”: “استبعد ذلك، لأن لا الولايات المتحدة الاميركية تريد حرباً في المنطقة ولا ايران التي تخوض حروبها بالوكالة من خلال ميليشيات شيعية من خارج ايران، تدرّبها وتنقلها الى مسرح العمليات الاقليمي الذي ترتئيه، من دون ان تكون هي مسؤولة عنها، بل تقدّم لها فقط قسما من التمويل والاسلحة والذخائر، فيما تريد اميركا الانسحاب من افغانستان، وقد حددت موعداً مبدئياً لذلك في 11 ايلول المقبل، ولا تريد التورط في حروب جديدة، خاصة وأن الحرب العراقية ضد نظام الرئيس صدام حسين كانت امثولة كبيرة جدا في الخسائر المباشرة وغير المباشرة التي دفعتها، والتي يقدرها البعض في حدود الـ7 تريليون دولار والآخر في حدود الـ11 تريليون دولار إضافة الى آلاف القتلى والجرحى من القوات المسلحة الاميركية، لذلك الموقف الرسمي والشعبي هو ضد اي حرب جديدة”.
أضاف عبد القادر: “حتى ايران واسرائيل لا تريدان الحرب. فإيران تتعرض لهجمات اسرائيلية ضدها وضد ميليشياتها في مسرح العمليات السوري لكنها تأبى الرد باستثناء ردود النظام الموضعية. ايران تحصد الخسائر المادية والمعنوية ولا تنفذ اي هجمات ضد اسرائيل. إلى جانب ذلك، يتعرض علماء ايران للاغتيال ومنشآتها النووية الأهم للاستهداف، إما عن طريق ارسال فيروسات الكترونية او من خلال تنفيذ عمليات مخابراتية او ارهابية داخل هذه المراكز. ولم تقم بأي رد على اسرائيل حتى الآن،كما لم تُحمّل اميركا بصورة غير مباشرة المسؤولية سوى من خلال إذاعة الخبر وتوجيه اللوم او التهمة الى اسرائيل او اميركا او الاثنتين معا في أمكنة اخرى.
ولفت عبد القادر الى ان ايران تدرك في حال خوض حرب، مدى الخسائر التي ستتكبدها، لعدم تكافؤ القدرات العسكرية الاميركية والايرانية. صحيح ان الدخول في حرب مع طهران ستكون مكلفة لواشنطن، لكن ايران لا تملك العدة اللازمة لمواجهة اسرائيل من خلال مسرح العمليات السوري او العراقي او اللبناني، اكبر قوة تملكها الآن ايران في مواجهة اسرائيل هي ترسانة حزب الله الصاروخية، الاحتياط الأخير الذي ستستعمله، لأن أولاً أعداد هذه الصواريخ محدود وثانياً هم يدركون ان اسرائيل والقوات الاميركية المنتشرة في الخليج تملك وسائل دفاع ضد هذه الصواريخ وبإمكان اسرائيل او الولايات المتحدة الوصول الى مخازنها وقواعد اطلاقها ومصانعها أيضاً”.
وعن استخدامها كورقة تفاوض، اعتبر “ان العمليات أكانت اسرائيلية أم مبهمة كما جرى في عملية نطنز، حيث لا معلومات دقيقة حتى الآن عمن قام بها، فإن وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف يقول انها تعكر على المفاوضات الجارية في جنيف وهدفها بحث عودة الولايات المتحدة الاميركية الى الاتفاق النووي الذي خرجت منه عام 2018. ولكن هذا كلام تحذيري ولن تكون له اية مفاعيل سياسية او ميدانية”، لافتاً الى ان “ما زالت هناك صعوبات كبيرة تعترض المفاوضات ومنها من يتراجع عن موقفه اولاً، الولايات المتحدة من خلال إلغاء نظام العقوبات الذي فرضه الرئيس دونالد ترامب على ايران بعد خروجه من الاتفاق النووي ام ايران؟ وهل ستلغي الولايات المتحدة العقوبات ثم تطلب من ايران تصحيح الخروقات في الاتفاقية النووية الاساسية واهمها الاحتفاظ بكميات اكبر من المسموح بها لمخزونها، اذ رفعت تخصيب اليورانيوم من 3.65 وفق الاتفاقية الى عشرين في المئة من النظافة. وفي حال لم تُحلّ هذه النقطة، وتمّ سحب اليورانيوم المخصب بدرجة عشرين في المئة، الى دولة اخرى، فهذا سيضع ايران على بعد اشهر من امتلاك الوقود النووي الصالح لصنع اول قنبلة نووية”.
ويختم: “اذا لم تستعجل واشنطن المفاوضات، فان الانتخابات الايرانية قد تغير الكثير في ضوء الترجيحات التي تذهب نحو امكان انتخاب رئيس جديد خلفا لحسن روحاني من التيار المتشدد، وعلى الارجح احد القادة السابقين لقوات الحرس الثوري، بما يعني ذلك على مستوى عرقلة المفاوضات والاتجاه المتشدد خلافا للموقف الواقعي والعملي لوزير الخارجية محمد جواد ظريف.”