كتبت سينتيا عواد في “الجمهورية”:
أعراضٌ جانبية كثيرة يمكن أن يتعرّض لها الصائم خلال شهر رمضان المبارك، مثل التعب والإرهاق وأوجاع الرأس والخمول والجفاف… واللافت أنّ السبب الذي يجمع بينها هو سوء الغذاء وعدم الصوم بشكلٍ صحّي. فما أبرز الإرشادات الغذائية التي كشفتها اختصاصية التغذية عبير أبو رجيلي لـ»الجمهورية»؟
بدايةً، أشارت أبو رجيلي إلى أنّ «الصوم السليم يملك فوائد صحّية كثيرة أُثبِتت علمياً، بحيث انه يقوّي المناعة، ويخفف من الالتهابات، ويساعد الجسم على التخلّص من السموم، ويخفض معدل الكولسترول السيّئ، ويقلّل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب».
وتطرّقت إلى مشكلتين شائعتين يواجههما الصائم خلال رمضان:
– عدم الحصول على كمية الكافيين المُعتادة، الأمر الذي قد يسبب له آلام الرأس والعجز عن التركيز. لذلك يُنصح بتخفيض مصادر الكافيين تدريجاً، مثل القهوة والشاي والصودا والشوكولا، وبدء تناول القهوة منزوعة الكافيين. وإذا كان الشخص معتاداً على بدء يومه بالكافيين، يمكنه احتساء القهوة مع وجبة السحور لمَدّه بالطاقة خلال النهار، شرط الحصول على كمية عالية من المياه لأنّ الكافيين مُدرّ للبول.
– إنخفاض كمية المياه خلال فترة الصوم، الأمر الذي قد يسبب الجفاف وأوجاع الرأس والإمساك. لتفادي هذه الانعكاسات السلبية، لا بدّ من الحصول على جرعة جيّدة من المياه بين الإفطار والسحور، من دون نسيان الشوربة المحضّرة في المنزل بدلاً من تلك المصنّعة الغنيّة بالصوديوم. وبالنسبة إلى العصائر، يُستحسن أن تكون طازجة مثل عصير الليمون، والحرص على توفير كميات جيّدة من الفاكهة والخضار الغنيّة بالألياف الغذائية، والتي تمنح الجسم نسبة مرتفعة من المياه. وفي المقابل، لا بدّ من الحذر من اللحوم المدخّنة والمالحة والوجبات المصنّعة والجاهزة، كالتشيبس والمكسّرات المملّحة، لأنها تحفّز العطش.
ووفق أبو رجيلي، من الضروريّ التمسّك بالخيارات الصحّية حِفاظاً على بُنية قويّة ومناعة عالية تتصدّى للأمراض، والتصرّف بذكاء عند انتهاء ساعات الصوم:
الإفطار
تُعتبر هذه الوجبة أساسية جداً، ويجب أن تكون صحّية ومتوازنة. يجب البدء بالمياه، ومن ثمّ الحصول على حبّتين من التمر لاستمداد الفيتامينات والمعادن والطاقة، وبعدهما التلذّذ بشوربة صحّية توفر الراحة للمعدة وتعوّض عن السوائل التي قد تمّت خسارتها خلال اليوم. أمّا سَلطة الخضار فيجب أن تكون حاضرة دائماً على الإفطار لمحاربة مشكلة الإمساك وتوفير الشبع لفترة زمنية أطول، مثل الفتّوش مع الخبز المحمّص وكمية قليلة من زيت الزيتون. وبالنسبة إلى الوجبة الرئيسة، يجب الحرص على سكب كمية بروتينات تفوق النشويات، مثل وضع قطعة صدر دجاج والاكتفاء بملعقة واحدة من الأرزّ. كذلك لا بدّ من الالتزام بطرق الطبخ الصحّية، والابتعاد من المقالي واستبدالها بالشوي والسلق، وتنكيه المأكولات بالتوابل والأعشاب مثل البهار، والقرفة، والبابريكا، والنعناع، الأوريغانو…
خلال الإفطار وبعده
يجب الانتباه جيداً إلى طريقة الأكل خلال الإفطار، لأنّ ابتلاع الطعام بسرعة يسبب اضطرابات المعدة، ويدفع الشخص إلى تناول كميات أكبر وبالتالي الشعور بعسر الهضم.
وبعد الانتهاء من هذه الوجبة، يمكن الحصول على سناك عبارة عن حبّة فاكهة، ومن ثمّ ساندويش صحّي، يليه حصّة ثانية من الفاكهة. أمّا لمُحبّي المشروبات، ففي حال احتساء كوب من العصير الطازج عليهم إلغاء حصّتَي الفاكهة. ولعشّاق الحلويات، يمكنهم بعد مرور ساعتين على الإفطار الحصول على قطعة قطايف أو عثملية أو قرص بالتمر أو غيرها من الأنواع، شرط الاكتفاء بها مرّتين في الأسبوع كحدّ أقصى حِفاظاً على الصحّة والرشاقة.
السحور
يميل العديد من الصائمين إلى إلغاء السحور، إلّا أنه أساسيّ لمدّ الجسم بالطاقة خلال النهار، والمساعدة على تحمّل مشقّات الصوم وتخفيف الآثار الجانبية. يجب أن يكون السحور متوازناً وخالياً قدر الإمكان من المأكولات التي ترفع معدل السكّر في الدم كالحلويات، أو غيرها من الأطعمة التي قد تحفّز الجوع والعطش خلال النهار مثل الموالح. يُنصح بالتركيز أكثر على الأطعمة التي تحتوي على البروتينات، والألياف، والدهون الصحّية لمدّ الجسم بالشبع لساعات طويلة. يمكن على سبيل المِثال تناول خبز الشوفان أو القمح الكامل مع الأجبان الخالية من الدسم أو اللبنة، وكمية متنوّعة من الخضار. كما يمكن احتساء فنجان قهوة مصحوباً بجرعة عالية من المياه.
النوم والرياضة
وحذّرت خبيرة التغذية من أنّ «الصائم قد يشكو من عدم انتظام النوم نظراً لتعدّد الوجبات مساءً، الأمر الذي يقلّل من ساعات النوم ويجعله أكثر عرضة للتعب وقلّة التركيز وحتى لمشكلات في الوزن. لذلك من المهمّ توفير 6 ساعات على الأقل من النوم المتواصل خلال هذه الفترة. يمكن النوم ليلاً، ومن ثمّ الاستيقاظ عندما يحين موعد السحور. ولتفادي الأرق، يجب الابتعاد من الوجبات الدسمة قبل النوم مباشرةً، بالإضافة إلى تفادي المشروبات المُنبِّهة كالقهوة والشاي والصودا التي قد تعوق النوم السليم، والاستعانة بدلاً منها بفنجان من اليانسون المهمّ للاسترخاء. وفي ما يخصّ الرياضة، وبما أنّ الصائم قد يشعر بالتعب خلال النهار، يُستحسن أن ينخرط في تمارين خفيفة إلى معتدلة الكثافة بعد الإفطار بنحو ساعة ونصف».