جاء في المركزية:
فجّر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قنبلة صائبة في توقيتها ومضمونها، عبر إرساله كتاباً إلى وزير المال في حكومة تصريف الأعمال، مشدداً فيه على “ضرورة أن تقوم الحكومة سريعاً، بوضع تصوّر واضح لسياسة الدعم تضع حداً للهدر الحاصل… والعمل على المساهمة في تأمين واردات بالعملات الصعبة لتغطية كلفة الدعم…”.
إن صوابية التوقيت تتزامن مع الحملات المتتالية على حاكم البنك المركزي والقطاع المصرفي اللبناني وإلباسِهما تُهمة الفساد والهدر التي أوصلت البلاد إلى هذا المستوى من الانحدار… وذلك لحَرف النظر عن تقصير الدولة اتجاه شعبها في تحمّل مسؤولية المالية العامة والحفاظ عليها من الفساد السياسي وحمايتها من عبث الطامعين السياسيين بخيرات البلاد وممتلكاته… ومراكزه.
أما صوابية المضمون فتكمن في المناشدة التي طالما كان القطاع المصرفي رأس الحَربة في خوض معركة وقف الدعم رحمةً بما تبقى من الاحتياطي الإلزامي الذي يعود إلى أموال المودِعين… إضافة إلى كون دعم السلع لا يستفيد منه اللبنانيون إنما الغالبية السورية، وما المشاهد اليومية في السوبرماركات سوى خير دليل على ذلك، عدا عن التهريب عبر الحدود وغيره من الوسائل غير الشرعية ليَنحرِف مسار الدعم عن السكة الصحيحة.
القصار: الحكومة تفتقد إلى الوعي المطلوب
وتعليقاً على كتاب حاكم البنك المركزي، رأى نائب رئيس جمعية مصارف لبنان نديم القصار عبر “المركزية” أن “الحكومة الحالية تفتقد إلى الوعي المطلوب لخطورة الوضع، وتحديداً من خلال تمسّكها بالاستمرار في سياسة الدعم وتمويله من احتياطي مصرف لبنان، حتى وصل الأمر إلى حدّه خصوصاً في ظل الاتهامات وحملات التجنّي المتزايدة على حاكم مصرف لبنان، فيما أن الحكومة هي مَن قرّرت وقف تسديد ديونها بحجّة الحفاظ على أموال المودِعين في مصرف لبنان… لكنها للأسف قامت بعكس ذلك، فأعلنت إفلاسها وقرّرت المضي في سياسة الدعم واليوم تلجأ إلى ما تبقى من احتياطات مصرف لبنان من العملات مخالِفة بذلك القانون الذي لا يسمح المَسّ باحتياطي “المركزي”.
وتوقع القصار أن يشهد يوم غد حملات إضافية على الحاكم كردّة فعل على كتاب اليوم، “لكن كل تلك الحملات لا تبدّل شيئاً في الواقع اللبناني الأليم، علماً أننا ناشدنا والحاكم منذ أشهر عديدة الحكومة وجميع المعنيين ضرورة ترشيد الدعم… من دون أن نلقى آذاناً صاغية للأسف”.
وسأل في السياق “هل يجوز أن يبحث إبن البقاع عن صفيحة مازوت فيما التهريب سائد عبر الحدود مع سوريا؟!”، فقال: من هنا أصبح من المُجدي وقف الدعم تجنّباً لمزيد من النزف في احتياطي مصرف لبنان.
خطة الدعم أثبتت فشلها
وتعليقاً على مطالبة الحاكم في كتابه إلى وزير المال بـ”العمل على المساهمة في تأمين واردات بالعملات الصعبة لتغطية كلفة الدعم”، كرّر القصار تأكيده أن “خطة الدعم أثبتت فشلها الذريع لأنه لم يصل للمواطن اللبناني بل استفاد المهرِّبون فكانت النتيجة أن خسِر البلد والمواطن والمودِع معاً”.
ولفت إلى أن “الحاكم سلامة تحمّل أكثر من طاقته وبما يفوق صلاحياته في هذا الموضوع، أما إذا أرادت الحكومة أن تساهم في تأمين واردات بالعملات الصعبة لتغطية كلفة الدعم، فعليها أولاً توفير “عامل الثقة”، لأن أحداً، داخلياً أو عالمياً، ليس لديه ثقة بهذه الحكومة، وبالتالي إذا أرادت تأمين مصادر خارجية لجذب الأموال فعليها قبل أي شيء أن توفّر ثقة الخارج والداخل بها… وليس عبر رمي الاتهامات جزافاً هنا وهناك وإعلان القيّمين على البلاد أن الجميع في لبنان غير قابلين للثقة وفاسدون … فكيف بذلك ستأتي الأموال المأمولة إلى لبنان؟!”.
وخلص القصار إلى القول “وكأن الحاكم سلامة يقول للمعنيين في هذا الكتاب، بادِروا إلى وقف الحملات علينا لتبرير فشلكم، وشكّلوا حكومة وابدأوا بالإصلاحات للبدء بجذب الأموال إلى لبنان… وعدم التلهّي بأمور لا طائلة منها”.