كتب عمار نعمة في “اللواء”:
أضافت قضية تعديل المرسوم الخاص بالحدود البحرية بندا جديدا على السجال الدائر في البلاد حول ضرورة انعقاد حكومة تصريف الاعمال المستقيلة، من عدمها.
وقد أثير هذا السجال طويلا عند محطات عديدة وجاءت احالة المرسوم 6433 الخاص بتلك الحدود بعد دعوات لعقد مجلس الوزراء المستقيل على خلفية الدعوة الرئاسية في مسألة التحقيق الجنائي.
وقد سبق رئيس الجمهورية ميشال عون زيارة معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل، بمقابلة احالة المشروع التعديلي من الامانة العامة لمجلس الوزراء الى المديرية العامة لرئاسة الجمهورية بعد أن وقعه رئيس الحكومة ووزيرا الدفاع والاشغال العامة والنقل، بتجميد هذا المرسوم. وكانت الحجة الرئاسية هي الإلتزام برأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل التي أفتت بضرورة البت بالتعديل في جلسة لمجلس الوزراء حتى لو كانت الحكومة مستقيلة وفي وضع تصريف للأعمال، ما سيمهد الطريق بسلامة نحو الامم المتحدة في شكل يتواءم مع القوانين الدولية، علما ان لبنان هو جزء من اتفاقية الامم المتحدة لقانون البحار التي صدرت العام 1982 وانضم إليها لبنان عبر قانون في العام 1994. وفي العام 2011، صدر القانون 163 الذي حدد تطبيقه بالنسبة الى الحدود البحرية عبر مرسوم في مجلس الوزراء.
يرد معارضو اجتماع الحكومة الحالية بأنه من الصعوبة بمكان انعقاد مجلس وزراء على هذا المستوى، وهو ما يتعلق بإقرار المرسوم في الحكومة الجديدة التي لا تزال بعيدة المنال. لكنه في الواقع خلاف جوهره سياسي، والموضوع يتعدى تلك المسألة ليعيد طرح تعويم حكومة التصريف وهو ما يريده العهد، بينما يرفضه أخصامه في شكل قاطع ويقولون بصيغة موافقة استثنائية بدلا من عقد جلسة للحكومة المستقيلة وهو أمر حصل في السابق، بينما يلتزم رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب الموقف الرافض ولو احتفظ بحال المتفرج من دون الادلاء بذلك جهاراً كون الكرة باتت في ملعبه كما يشير البعض.
وكما هي العادة خضع موضوع الترسيم من جديد للتموضع السياسي الحاد خاصة على صعيد السباق نحو انتخابات الرئاسة بعد عام ونصف.
لكن ثمة وجهة قانونية ودستورية يدلي بها الخبير القانوني ميشال قليموس الذي يستهلها بشرح حول حكومة تصريف الاعمال.
ويلفت الانتباه في البدء في اطار شرحه للواقع الحالي للحكومة، الى ان الدستور اللبناني يتكلم عن ان الحكومة هي التي تصرف الاعمال وليس الوزراء، لذا فالحكومة عندما تقوم بهذا التصريف فهذا يكون في اطار اجتماعات لم يمنعها الدستور الذي حصر تلك الاجتماعات فقط لتصريف الاعمال واستمرار المرفق العام والمصالح الوطنية العليا. اما الوزراء فيمكنهم تصريف الاعمال في صورة انفرادية وفقا لصلاحيات كل واحد منهم ووفقا للشكل القانوني للممارسة الحكومية، علما ان هذا الامر حصل كثيرا في السابق.
هذا من حيث الشكل، وينطلق قليموس الى صلب قضية مرسوم الترسيم، متحدثا عن انه من حيث المبدأ فإن الامر يقتضي وبما ان المرسوم الاول صدر في مجلس الوزراء، فتوازي الصيغ الشكلية الجوهرية يستدعي ان يكون التعديل باجتماع مجلس الوزراء. ويضيف خاصة ان المادة 3 من هذا المرسوم تنص على امكانية التعديل، وتبين ان هناك مساحات اضافية في المياه ومن حق الدولة ان تستدرك وتُعدل المرسوم خدمة للسيادة اللبنانية.
والحال ان السجال سيتكرر حول هذا الموضوع وغيره طالما استمرت حالة الفراغ الحالية والكباش بين الرئاستين الاولى والثالثة، في ظل نظام سياسي غير واضح المعالم وحيث لا جهة للحسم فيه في شكل نهائي. ويُخشى ان يستمر الأمر حتى بدء العدو الاسرائيلي في العمل في المنطقة البحرية التي يطالب لبنان بها، من دون توجه الأخير في شكل سليم الى الامم المتحدة.