Site icon IMLebanon

اللحم المدعوم “مش مدعوم” في النبطية

كتب رمال جوني في نداء الوطن:

ينشط البحث عن اللحم المدعوم في منطقة النبطية، فاللحم بالكاد يتوفر في ملاحم معدودة فيها، وإن توفّر فيكون بحدود الـ30 الى 80 كيلوغراماً كحدّ اقصى، ما يعني أنّ خدعة المدعوم باطلة، سيما في ظلّ حاجة الناس الى اللحم على مائدة الإفطار.

لم يكد المواطن يصدق أنّ ازمة اللحم انفرجت والمدعوم سيغطي السوق، حتى طالعه مشهد إقفال الملاحم، ما وضعه بين فكّي كماشة إمّا الشراء وِفق سعر الـ 75 الفاً للكيلو الواحد، أو الإستغناء عن اللحم بعد فقدان الأمل بالعثور على “وقية” مدعوم، وبينهما يمارس القصّابون سياسة الضغط بطريقة مباشرة هذه المرة “الإقفال” ما يؤجّج حركة الإحتكار السائدة.

هدأت حركة سوق اللحم، لا ضجيج ولا صراخ باعة، ولا لحم حتى داخل الملاحم، كلّ الملاحم مقفلة، ومن فتح يبيع وِفق سعر الـ75 الفاً. عند مدخل سوق اللحم يقف أحد القصابين، يراقب المشهد، لم يعتد السوق فارغاً من الرواد. منذ فترة لم يشترِ اللحم لملحمته، فهو يبيع لحم الغنم، وسعره تخطّى الـ 150 الف ليرة “وبيخسر” على حدّ قوله. وِفق نظرية القصّاب، فإن لعبة المدعوم انكشفت، فاللحم المتوفر في السوق لا يكفي حاجة الإستهلاك المحلي، ويؤكّد أحد القصابين أنّه تسلّم 40 كيلوغراماً لحماً مدعوماً بالعظم، أي 30 كيلوغراماً صافياً، وهي كمية لا تكفي عشرة زبائن، وماذا عن البقية؟ ويشير القصّاب نفسه الى أنّ هناك تقنيناً غير مبرّر في توزيع اللحم المدعوم، وهذا التقنين أوقع السوق في عجز كبير، في خضمّ الحاجة للحم، وهو بمثابة عقاب جماعي للمواطن الذي يضطر للبحث ساعات عن اللحم، و”ما في لحم”.

سيناريو طوابير البحث عن المدعوم يتكرّر مع اللحم، فالناس طفح كيلها من الذلّ اليومي، والسؤال عن المخرج يؤرق الجميع. وحدها الوجوه المتجهّمة داخل احدى الملاحم تتحدّث عن الحال، تقف سيدة ستّينية بالدور في احدى الملاحم التي توفر المدعوم، ساعات تنتظر ليصل دورها، تطلب كيلو لحم بـ 45 الفاً السعر الرسمي للدعم، لتفاجأ أنّ لكل صنف من اللحم سعراً، فالبفتاك سعره يختلف عن الشاورما واللحمة المدقوقة، فالكيلو الحقيقي يصل الى الـ 50 الف ليرة وما فوق، أما المدعوم فيقتصر على اللحمة المفرومة، وما عدا ذلك كذبة وخدعة كبيرة. لا يخفي صاحب الملحمة أنّ السعر يتفاوت بين البفتاك والمشوي، فالهبرة سعرها مرتفع عكس المسيفة مع دهن، ما يعني أنّ المدعوم مش مدعوم، هذا عدا عن أنّ الكمية المتوفرة غير كافية. وبحسب القصّاب فإنّ الحصول على اللحم المدعوم يتطلّب سيناريوين: إمّا اعتماد طلب التوصية قبل يوم أو اثنين، أو الحضور باكراً للحصول على حصّة المدعوم، وغير ذلك فالكميّة تنفد بسرعة لأنّ الطلب أكثر من العرض، ما يؤدي حتماً للاحتكار والتلاعب.

وممّا بات “عالمكشوف” حجم التلاعب بالسعر من داخل المدعوم نفسه، ففيما بات ثابتاً سعر كيلو اللحم غير المدعوم بـ75 الف ليرة ويتّجه صعوداً نحو الـ 100 الف واكثر، فإنّ سعر المدعوم الذي يفترض أن يكون 39 الف ليرة وِفق ما حدّدته وزارة الاقتصاد يتراوح بين الـ 42 والـ 45 في العلن، أما فعلياً فسعر المدعوم 50 الف ليرة، والمواطن “أكل الضرب” لأنّه مقتنع أنه يشتري مدعوماً أرخص، وهو في الحقيقة يشتري ربع مدعوم، إن صحّ التعبير، وِفق ما قالت فاطمة التي سألت اللحام عن سبب تفاوت السعر داخل الملحمة بالرغم من تأكيده أن الكيلو بـ 42 الف ليرة. تقول فاطمة “اللحّام يغشّنا ونحنا مبسوطين، لأننا نفرح بالعثور على المدعوم ولا نكترث للسعر والتلاعب به، حتى في شهر الرحمة لا أحد يرحم أحداً”.