Site icon IMLebanon

ملف “الترسيم”: وساطة أميركية مع إسرائيل وروسية مع سوريا

يبدو أن مصير مرسوم تعديل الحدود البحرية الجنوبية للبنان الذي يوسع مساحة المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان مع إسرائيل حوالي 1400 كيلومتر مربع، الذي وقعه الوزراء المعنيون ورفعوه الى رئاسة الجمهورية، بات معلقاً بعد اللقاء الذي جمع أمس، الرئيس اللبناني ميشال عون، الذي قبض على ورقة ترسيم الحدود مع اسرائيل وسورية، ووكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل، الذي جاء إلى بيروت في إطار زيارة وداعية يرتب فيها الملفات لخليفته فيكتوريا نولاند وهي على عكس هيل الخبير في الشرق الأوسط معنية أكثر بمنطقة أوراسيا.

وبعد اللقاء، قالت رئاسة الجمهورية، إن عون أكّد أمام هيل، حرصه على “تجنيب لبنان أي تداعيات سلبية قد تتأتّى عن أي موقف غير متأنٍّ بشأن ترسيم الحدود”، لكنه شدد ايضاً على أنه “يحق للبنان أن يطوّر موقفه وفقاً لمصلحته ووفقاً للأصول الدستورية، وطالب باعتماد خبراء دوليين لترسيم الخط، والالتزام بعدم البدء بأي أعمال تنقيب نفطية وغازية في حقل كاريش ولا في المياه المحاذية”.

وأشار البيان إلى أن عون “مؤتمن على السيادة والمصالح والحقوق ولن يفرّط بها، وعلى بذل كل الجهود ليكون ملف ترسيم الحدود موضع تفاهم وليس انقساماً، بهدف تعزيز موقف لبنان في المفاوضات”.

في المقابل، عرض هيل إعادة تفعيل الوساطة الأميركية، وقال بعد اللقاء، إن “أميركا مستعدّة لتسهيل المفاوضات بين لبنان وإسرائيل حول الحدود البحرية، والاتيان بخبراء للمساعدة في هذا الملف”.

وكانت واشنطن توسطت لعقد مفاوضات الناقورة بين لبنان وإسرائيل برعاية الأمم المتحدة وجرت 4 جولات ابتداء من أكتوبر 2020، لكنها توقفت بعد أن رفع الجانب اللبناني سقف شروطه بالتزامن مع انتقال السلطة في أميركا.

وكانت جريدة “الأخبار” المحسوبة على “حزب الله” أشارت إلى أن هيل كان حاسماً في اللقاءات التي سبقت اجتماعه مع عون وأكد أنه “لا يُمكن للبنان توقيع تعديل المرسوم وإيداعه لدى الأمم المتحدة، وهذا الأمر سيدفع بإسرائيل إلى مغادرة طاولة المفاوضات، ولن يستطيع لبنان أن يفعل شيئاً!”.

وكان الرئيس عون رفض توقيع المرسوم وطلب أن توقع الحكومة عليه مجتمعة لتأمين توافق سياسي حوله.

من ناحية أخرى، أكد هيل على “التزام أميركا دعم لبنان”، معتبراً أن “الشعب اللبناني يعاني لأن القادة فشلوا بالتزاماتهم وبحل المشاكل الاقتصادية”.

وقال بعد لقائه عون، إنه حان الوقت لتشكيل حكومة في لبنان وتنفيذ إصلاحات شاملة، وأضاف: ” اللبنانيون يعانون لأن قادتهم يضعون مصالحهم أولاً”.

ورأى هيل أنه توجد فرصة اليوم لتشكيل حكومة قادرة على وقف الانهيار وإجراء الإصلاحات والحصول على الدعم الأميركي. وتابع: “من يستمر بعرقلة التقدم في أجندة الإصلاحات في لبنان يعرض علاقته معنا ومع شركائنا للخطر ويعرض نفسه لإجراءات عقابية”. ويجري الحديث عن عقوبات أميركية أوروبية خليجية مشتركة على سياسيين لبنانيين.

وأكد المسؤول الأميركي، أن “إيران تغذي وتمول حزب الله، الذي يتحدى الدولة ويزعزع الحياة السياسية”، مضيفاً أن “حزب الله يراكم الأسلحة الخطيرة ويقوم بالتهريب ودعم الفساد مما يقوض مؤسسات الدولة”.

وكان هيل حثّ، أمس الأول، من بيروت القادة اللبنانيين على إظهار “مرونة” لتسريع تشكيل حكومة.

الأزمة مع سورية

بالعودة الى ملف ترسيم الحدود البحرية هذه المرة شمالاً مع سورية أو بالأحرى الخلاف اللبناني السوري حول قضم دمشق حوالي 750 كيلومتراً من الحدود البحرية، كما أظهر عقد للتنقيب عن النفط والغاز وقعته دمشق مع شركة روسية، قالت صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية إن السوريين لم يتجاوبوا مع طلب لبنان التفاوض ودياً لحل الخلاف الناتج عن استخدام معايير مختلفة في الترسيم.

وكان عون أجرى اتصالاً مع نظيره السوري بشار الأسد، كما بعثت السلطات اللبنانية مذكرة مع السفير السوري تتضمن دعوة للتفاوض لحل هذا الخلاف.

وسبق لدمشق أن اشترطت بدء ترسيم الحدود البرية بين لبنان وسورية من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلة في 2006 قبل أن ينقل المبعوث الأميركي السابق إلى سورية فردريك هوف قبل أيام عن لسان الأسد تأكيده أن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا تابعة لسورية، من دون أن يبادر إلى نفي ما نُسب إليه في هذا الخصوص.

وقد يكون هذا الملف حضر أمس في زيارة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إلى موسكو حيث سيجري مباحثات مع الرئيس فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف والممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط وبلدان إفريقيا ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، الخبير بملف لبنان، بالإضافة إلى مسؤولين آخرين.

ولم يستبعد مصدر دبلوماسي أن تقوم موسكو بدور وساطة خصوصاً أن الشركة المعنية روسية، وأن موسكو فازت بعقود بحرية وغازية ونفطية في مياه لبنان الشمالية. ودعا الحريري خلال اجتماع عقده مع رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين موسكو إلى الاستثمار في الاقتصاد اللبناني خصوصاً في قطاعات الطاقة والكهرباء والبنية التحتية والمواصلات ومساعدة بلاده في التصدي لجائحة فيروس كورونا، معرباً عن الاستعداد لتشجيع الشركات الروسية على الاستثمار في لبنان.