Site icon IMLebanon

مرونة خارجية حيال الحكومة تسميةً وعدداً

كتبت راكيل عتيِّق في “الجمهورية”:

بعد 5 أيام يتمّم الرئيس سعد الحريري نصف سنة على تكليفه تأليف الحكومة. هذه الأشهر الستة كان عنوانها الجمود في التأليف، في مقابل حركة مكوكية متواصلة على مستوى الضغط الخارجي والتحرك الداخلي على الخط الحكومي. لكن لا المبادرات الداخلية والخارجية، ولا زيارات المسؤولين من العرب والغرب للبنان والقادة السياسيين وتصريحاتهم العلنية التي تتّهم المسؤولين اللبنانيين بالفشل في إدارة البلد وتأخير التأليف، ولا حتى التلويح بالعقوبات الأوروبية، غيّرت شعرةً في مسار التأليف. وتلخّص مصادر عاملة على الخط الحكومي الزيارات والرسائل الخارجية كلّها، بأنّ هناك إجماعاً على تأليف حكومة بلا ثلث معطّل لأي فريق. وتختصر نتيجة هذه الزيارات والمبادرات والتحذيرات بعبارتين: «على من تقرأ مزاميرك يا داوود» و»لا حياة لمن تنادي».

يأتي الزوار من الخارج الى لبنان، يجولون على المسؤولين، يحذّرون، يحضّون على التأليف، ويكرّرون عبارة وزير خارجية فرنسا: «ساعدوا أنفسكم لكي نساعدكم»، ويرحلون. وبالتالي، سيستمرّ لبنان في الغرق. فإذا كان هناك من يريد أن يساعد البلد، لا يجد حكومة تحكم ليتعامل معها، وبالتالي «إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ»، بحسب مصادر مطّلعة على الزيارات للبنان وعلى مسار التأليف.

الخارج بكامله بات على كلمة واحدة من التأليف: «ألّفوا حكومة، ونحن ضدّ «الثلث المعطل» لأي فريق». حتى الروس أكّدوا أنّهم مع حكومة اختصاصيين وضدّ «الثلث الضامن»، وأبلغوا الى معنيين أنّهم لا يمانعون توسيع الحكومة لتضمّ أكثر من 18 وزيراً، بحسب المصادر نفسها، التي تؤكّد أنّ تصريح وكيل وزارة الخارجية الاميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل العالي النبرة من القصر الجمهوري، بعد لقائه عون الثلثاء الماضي تجاه «حزب الله»، لا تأثير له على التأليف. فتصريح هيل غير مستغرب، وهذا الموقف الأميركي معروف ويعلمه «حزب الله» جيداً.

كذلك يجمع الخارج على مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الأخيرة، أي حكومة من 24 وزيراً، لا ثلث معطّلاً فيها لأي فريق. ويقضي إقتراح بري أيضاً، لحلحلة عراقيل التأليف كلّها، بأن يُسمّي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وزير الداخلية بموافقة الحريري، بعد أن كان الحريري هو من يُسمّي. وتؤكّد مصادر معنية بالحراك الحكومي، أنّ «الحريري موافق على هذا الحلّ، كذلك يسير «حزب الله» بمبادرة بري هذه، وكانت «القصة محلولة» إلّا أنّها اصطدمت بإحالة عون المبادرين والوسطاء الى رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل».

على رغم ذلك، لا يزال بري يقوم بكلّ ما يُمكن أن يقوم به، وهو لم يتوقف يوماً «لأنّ جمود الحال والحركة والعمل السياسي يعني تجميد البلد»، وهو مستمرّ في مبادرته الحكومية ولن يسكت عن عدم التأليف، بحسب ما تؤكّد مصادر قريبة منه. وتشير الى أنّ مبادرته يباركها الروسي والأميركي والفرنسي، وأنّ الخارج بات يغض النظر عمّن ستضمّ الحكومة ومن يسمّي وزراءها حتى لو سمّى «حزب الله» وزراء، لافتةً الى أنّ «الوزراء الشيعة لن يكونوا مرتبطين لا بحركة «أمل» ولا بـ»حزب الله»، وشرطنا الوحيد أن لا يكونوا ضدّنا». كذلك تكشف هذه المصادر، أنّ بري ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط من مؤيّدي التسوية لجهة ما طرحه الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله في أن تكون الحكومة تكنو- سياسية إذا تعذّر تأليف حكومة إختصاصيين، معتبرةً أنّ «الخارج سيوافق على ما نتوافق عليه».

أمّا مبادرة بري فتدرجت عدداً، من 18 وزيراً الى 22 فـ24 وزيراً، وذلك لكي يتمكّن من «إقناع الفريقين وإرضائهما»(أي عون والحريري). وعلى الرغم من أنّ الحريري لم يعلن موقفاً مؤيّداً لمبادرة بري، توضح مصادر مطلعة، أنّ الحريري لو أنّه مقتنع إلّا أنّه حذر، ولا يعلن أي موافقة قبل تبيان موقف عون لكي لا يُحرَج موقفه إذا كان قبل بتسوية ما ورفضها رئيس الجمهورية. إنطلاقاً من ذلك، تؤكّد المصادر نفسها أنّ حكومة الـ24 مقبولة لدى الجميع في الداخل والخارج، لكن المعضلة نفسها تعرقل ولادتها وهي «الثلث الضامن»، فضلاً عن أنّ باسيل «يريد الحصّة ولا يريد منح الحكومة الثقة في مجلس النواب».

وفي حين يتواصل بري مع الحريري يتولّى «حزب الله» نقل أفكار بري ومبادرته الى عون. وتؤكّد مصادر شيعية، أنّ عرقلة التأليف ليست من «الحزب»، وتكشف أنّ «حزب الله» أبلغ الى الروس أنّه متمسّك بالحريري وضدّ «الثلث المعطل». وفيما يُجري بري اتصالات بجميع الأفرقاء لتأمين نجاح مبادرته وولادة الحكومة، لا تتوقف الإتصالات وحركة الوسطاء، في حين أنّ المُعلن منها يسير. أمّا عن عدم تواصل بري المباشر مع عون، فيما أنّ هذا التواصل قد يساهم في تسريع التأليف، فمردّه الكلام الذي يقوله عون ويصل الى بري، بحسب المصادر القريبة منه، فـ»الرئيس عون يريد أن يكسر رأس فلتان ويسجن علتان». وتقول: «يجب قراءة التاريخ وهم يضيعون لبنان والمسيحيين والموارنة. المسيحي يُحفظ في البلد من خلال القانون».