كتب فادي عبود في “الجمهورية”:
في خضمّ أسوأ أزمة اقتصادية تواجه لبنان اليوم، هناك إصرار على التشبث بالخلافات السياسية في عملية تشكيل الحكومة، فينظر اللبنانيون بيأس الى المعارك السياسية الدائرة فيما معيشتهم ومستقبل اولادهم وجنى عمرهم مهدد، وفيما يقبع كثير من العائلات تحت مستوى خط الفقر.
وللأسف يتقاتلون اليوم حول الحصة والثلث الضامن، ومن سيسمّي من، وماذا ستكون حصة كل طرف، وحقوق مَن مهدورة، وحجم الحكومة وعدد اعضائها، بكل صراحة كل هذا النزاع هو «بلا طعمة»، ولن ينقذ الاقتصاد اللبناني.
فما همّنا من شكل الحكومة وعددها وأعضائها، اذا لم نعرف ما هي الخطط والحلول لمواجهة الازمات المتراكمة؟ فليتقدم المتسابقون والمتنازعون للوصول الى الحكم بخطتهم وحلولهم ومشاريعهم للخروج من الازمة، فهل خلافهم مبنيّ على اشخاص وسياسات، ام ان الخلاف مبني على الحلول والافكار والمشاريع؟
لا نحتاج الى مناصب جديدة، نحتاج الى تحقيق نتائج علينا ان نعرف الحلول التي يحملها كل شخص طامح ليكون جزءاً من الحكومة ابتداء من رئيسها وصولاً الى كل وزير مطروح اسمه ومن اي فريق سياسي كان، وأن نعرف خطته وموقفه من كل نقطة من النقاط الآتية:
ما هي حلوله لموضوع مصرف لبنان المركزي واحتجاز المصارف لودائع الناس وجنى أعمارهم؟
ما هي خطته للكهرباء وتخليص لبنان من العتمة؟
هل لديه حلول للتعليم وطريقة رفع مستواه، وتطوير التعليم الرسمي ورفع الاعباء عن التعليم الخاص؟
هل هو مقتنع بتطبيق الشفافية المطلقة وبورشة لتغيير كل الاجراءات الادارية في الدولة؟
ما هو تصوره لمرفأ بيروت وتطويره، وتحديث إجراءات الاستيراد والتصدير؟
ما خططه العملية لزيادة ايرادات الدولة، وهل هو مقتنع بفك «كارتيل» الاحتكارات واعادة حقوق الدولة من احتلال الاملاك البحرية وغيرها؟
هل هو مؤمن بدعم الصناعة دعماً جدياً وتحرير الاقتصاد، ام سنعود الى ممارسات ترقيع من دون تغيير جذري في العقلية؟
هل يؤيّد الحوار مع كل دول الجوار لفك الحصار البري عن لبنان واعادة عجلة التصدير البري الى ما كان عليه؟
انّ مجرد تشكيل الحكومة لن يحل كل هذه المشكلات بسِحر ساحر، لأنّ المغتربين والشعب اللبناني ينتظرون ما هو أبعد من ذلك، ينتظرون خططاً مدروسة تحقق نتائج ملموسة.
فلم يعد يهمّ اليوم اسم فلان او علّان، وحصة هذا او ذاك، نحن في مرحلة مصيرية إمّا تخرجنا من مصائبنا وتؤدي الى ازدهار لبنان، او ستكون ضربة اضافية للبنان واقتصاده.
أعود وأؤكد، الخلافات اليوم يجب ان تكون على البرامج الاقتصادية. وغير ذلك هو البقاء في دوامة مفرغة، فليطرح كل فريق سياسي برنامجه بوضوح وتفصيل وما هي الخطوات التي سيقوم بها لحل الازمات. وليتم اختيار البرنامج الافضل وتتم محاسبة الفريق على البرنامج الذي تعهد به. غير ذلك سيجعلنا نستعيد الخلافات داخل الحكومة اذا تشكلت، وسيُعرقل كل فريق خصمه السياسي.
في اختصار، كلّي أمل في ان يبتعد الشعب اللبناني عن الاسماء والانتماءات والاحزاب والطوائف وشكل الحكومة وعدد وزرائها، وان يطالب بالحلول التي ستؤدي الى تخليصه من أزماته، وإنقاذه من الذل اليومي الذي يعيشه لتأمين لقمة العيش.
وأخيراً، أوجّه كلامي الى الذين في السلطة والطامحين اليها، اذا كنتم لا تملكون حلولاً لذلك ولا تملكون تصوّراً او قدرة على مواجهة هذه الازمات، فرحمةً بالعباد والانسانية، لا تصرّوا على البقاء في السلطة وتَنحّوا عن مهماتكم.