IMLebanon

روسيا تقارع الولايات المتحدة لبنانيًا… من السياسة إلى “الترسيم”

كتب منير الربيع في الجريدة الكويتية:

بعد أن خفَت اهتمامها سابقاً، في ظل إدارة دونالد ترامب، بسبب تفاهمات وتقاطعات بين موسكو وواشنطن تجلّت بعد قمّة هلسنكي بين الرئيسين الأميركي والروسي، أعادت روسيا تزخيم حركتها لبنانياً، حيث تملك جملة مشاريع وملفات تهتم بها.

وفي ظل التوتر بين الدولتين في عهد جو بايدن، تسعى كل منهما للإمساك بكمية أكبر من الأوراق على الساحة الدولية، بما في ذلك لبنان.

وكثيراً ما كانت موسكو تؤكد بنفسها أنه ليس لديها مشروع في لبنان، مما يعني سياسياً أن البلد متروك لحصة الأميركيين، إلا أن الحركة الروسية الأخيرة تشير إلى تغيير في هذا السياق، وينعكس ذلك من خلال المسؤولين اللبنانيين، الذين سيزورون العاصمة الروسية تباعاً.

فبعد زيارة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، من المقرر أن تستقبل العاصمة الروسية شخصيات مختلفة، مثل حليفها التقليدي وليد جنبلاط، ورئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وهما «مرشحان طبيعيان» لرئاسة الجمهورية.

يعكس ذلك مدى تطور الاهتمام الروسي بالملف اللبناني، وهو أمر لا يرتبط فقط بالمجال السياسي أو بالاستحقاقات، بل هناك ارتباط استراتيجي أيضاً، من الحدود مع سورية وصولاً إلى الحدود الجنوبية.

ويبدو أن العلاقات الروسية – الأميركية تتجه إلى مزيد من التوتر، خصوصاً في ظل إحباط موسكو من عدم تحقيقها اختراقات كبيرة بسورية، في ظل الضغوط الأميركية، مما سينعكس سلباً على لبنان لا على سورية فقط.

انطلاقاً من هذه المعطيات، تأتي حركة روسيا لبنانياً في استقطاب مختلف الشخصيات السياسية، وجعل نفسها مرجعية للمبادرة أو لحلّ الخلافات. وهي تراهن على علاقتها الجيدة بإيران وإسرائيل وسورية للعب هذا الدور، خصوصاً في ملف ترسيم الحدود اللبنانية – السورية، حيث تعمل شركتان روسيتان عملاقتان في مجال التنقيب عن النفط والغاز في لبنان. والنجاح في الترسيم شمالاً قد يدفع روسيا للتفكير بالاضطلاع بدور لحلّ مشكلة الحدود البرية والبحرية الجنوبية للبنان مع إسرائيل، تماماً كما هي الحال بالنسبة إلى دورها في الجنوب السوري، من خلال تحديد مواضع نفوذ حزب الله والقوات التابعة لإيران وإبعادهم عن خط التماسّ القريب من إسرائيل.

لن تكون روسيا قادرة على حلّ كل هذه الملفات العالقة سريعاً، لكنها حتماً ستستخدمها في مواجهة الأميركيين، لذلك لابد في الأيام المقبلة من توقع المزيد من الحركة الروسية تجاه إيران وحزب الله، للعمل على حلّ بعض المشاكل حول نقاط نفوذه في سورية، لجهة تخفيف الحركة العسكرية المستفزة لإسرائيل.

أما في لبنان فإن موسكو تطمح للعب دور واسع في ملف ترسيم الحدود الشمالية، بشكل تكون فيه راعية لاستعادة العلاقات السورية-اللبنانية، من خلال مفاوضات مباشرة ورسمية بين الطرفين. ولابد من الإشارة إلى أن أي حركة روسية من هذا النوع يلاقيها قبول لبناني ستكون لها، حتماً، تداعيات غربية وخصوصاً أميركية، من خلال رفع منسوب الضغط.