كتب ألان سركيس في نداء الوطن:
بعد جهود كبيرة قام بها النائب السابق أمل أبو زيد، نجح أخيراً في تأمين زيارة لرئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل إلى موسكو للقاء القيادة الروسية.
حدّدت موسكو يوم 29 نيسان الجاري موعداً لزيارة باسيل، ومن المتوقّع أن يلتقي كلاً من نائب وزير الخارجية الروسية ومبعوث بوتين إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ميخائيل بوغدانوف ووزير الخارجية سيرغي لافروف.
وتأتي زيارة باسيل ضمن سلسلة لقاءات تعقدها موسكو مع عدد من القيادات اللبنانية كان آخرها مع الرئيس المكلّف سعد الحريري ووفد “حزب الله”، في حين أن مسؤولين آخرين يطلبون موعداً وأبرزهم رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية ورئيس الحزب “الديموقراطي اللبناني” النائب طلال إرسلان.
وستشكّل زيارة باسيل إلى روسيا مناسبةً لشرح وجهة نظره من كل ما يحصل وخصوصاً الملفّ الحكومي، بعد تحميل موسكو باسيل ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون مسؤولية التعطيل نتيجة مطالبته بالثلث المعطّل، وسيستغل باسيل الزيارة أيضاً ليُعيد رفع شعار الدفاع عن حقوق المسيحيين، ويُقنع الروس بأنه يحقّ لرئيس الجمهورية تسمية الوزراء المسيحيين أسوةً ببقية الطوائف، ما يعني الحصول على الثلث المُعطّل بشكل مبطّن.
وفي المقابل، فإن القيادة الروسية ستكرّر على مسامع باسيل ما تقوله للقيادات السياسية الأخرى وهو ضرورة تأليف حكومة سريعاً ووقف مسلسل التعطيل والمباشرة بالإصلاحات وعدم وضع العراقيل.
وتأتي زيارة باسيل بعد سلسلة إجتماعات عقدها الحريري مع المسؤولين الروس إضافةً إلى اتصال مطوّل مع الرئيس فلاديمير بوتين، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن بوتين لا يستقبل أحداً بسبب “كورونا” ولذلك لم يجتمع بالحريري شخصياً، في حين أن رئيس وزراء ليبيا زار موسكو في الوقت نفسه ولم يجتمع مع بوتين بل انطبق عليه ما انطبق على الحريري على رغم الأهمية القصوى التي تعطيها روسيا للملف الليبي.
سمع الحريري من المسؤولين الروس ومن بوتين تحديداً ما كان يريد سماعه، فهم أكّدوا على دعمه للمهمة التي يقوم بها وضرورة تأليف حكومة برئاسته من دون ثلث معطّل، فحصل الحريري حسب متابعين للزيارة على الدعم المعنوي لا الحسّي أو العملي خصوصاً أن هذه الزيارة أتت في توقيت مهمّ فرضه شدّ الحبال الداخلي والإقليمي.
أما النتيجة السياسية لكل ما يحصل فتُفيد بأن الأوضاع لا تزال صعبة جداً وضبابية، فالإتهامات بين الأطراف الداخلية لا تزال على حالها ولا يوجد أي خرق ملموس، في حين أن الروس يكررون ثوابتهم التي باتت معروفة.
وعلى رغم متابعة موسكو للملف اللبناني بكل تفاصيله، إلا أن المعلومات من العاصمة الروسية تؤكّد أن لا مبادرة روسية خاصة تجاه الوضع اللبناني، وما يدعو إلى القلق أكثر أن اهتمام الدول الكبرى بالملف اللبناني يتفاوت بين دولة وأخرى، حيث أنّ فرنسا هي من أكثر الدول التي تحمل همّ لبنان من دون أن تكون قادرة على تنفيذ مبادرتها لأنها لا تملك العصا.
وبالتالي فإن الإهتمام الروسي بلبنان يأتي كجزء من الإهتمام بالملف السوري، والروس حريصون على إستقرار لبنان وأمنه كدولة صديقة ولكن أيضاً من أجل حماية الوضع في سوريا نظراً لوجود قوات روسية هناك، كذلك فإن الوضع الإقتصادي في لبنان يؤثّر سلباً على سوريا، لذلك تدعو موسكو إلى الإسراع بحل عقدة الحكومة لأن نيران لبنان إن إندلعت ستحرق ما تستطيع الوصول إليه في سوريا، لكن رغم الخطورة المعروفة فإن الثابت أن لا مبادرة روسية لإنقاذ لبنان.