Site icon IMLebanon

مكتّف: نشحن الدولارات إلى لبنان ونتجه للادعاء على غادة عون

كتبت مريم سيف الدين في نداء الوطن:

فجأة اقتحمت القاضية غادة عون، المدعية العامة في جبل لبنان، الشاشات، تماماً مثلما اقتحمت شركة مكتّف للصيرفة. فخرجت في بث مباشر وخرج معها على الهواء انقسام القضاة الذي ظلّ لفترات يحافظ على “لياقته”. أرادت عون أن تظهر بطلة شعبية فأظهرت القضاء متقهقراً. فهي لم تختر الاحتجاج على قرار مدعي عام التمييز، القاضي غسان عويدات، بكف يدها عن القضايا المالية بالسبل التي اعتادها القضاة. بل اعتمدت خياراً شعبوياً. وهو ما خلق أزمة استدعت اجتماعاً قضائياً طارئاً وموقفاً من وزيرة العدل، ماري كلود نجم، دعت فيه القضاء إلى الانتفاض على الوضع الحالي، قائلة “بيكفي بهدلة”.

حملت عون مكبّر الصوت وخاطبت جماهيرها من على شرفة المكتب. وبدت القاضية التي ترفض كفّ يدها عن الملف كناشطة متمردة من خارج السلطة، تستنجد بالثوار الذين لطالما قمعتهم وكمّت أفواههم. وبفعل عون بات القضاء خاضعاً لمحاكمة المشاهدين عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وأجمعت الأحكام على قباحة الصراع السياسي الذي يخوضه القضاة، سواء أيدت عون أو عارضتها. ورأى البعض في المشهد ضرباً لما تبقى من هيبة للقضاء، خصوصاً وأن التمرد حصل من قبل قاضية معروفة بأنها من حصة رئيس الجمهورية ميشال عون.

لكن عون نفسها تحولت ضحيّة لهجمة ذكورية تجاهلت كل أدائها وتفرغت لانتقاد مظهرها ووضعها الاجتماعي. وجرّت سقطة عون الكثير من الإعلاميين إلى سقطات أخلاقية لا تطال القاضية بشخصها بقدر ما تطال جميع النساء وتكرس صوراً نمطية تسيء إليهنّ.

وتعليقاً على المشهدية التي سجلتها القاضية، عبّر وزير العدل السابق إبراهيم نجار لـ”نداء الوطن” عن رفضه لما جرى. ورأى في إطلالتها على الجموع من على الشرفة تجاوزاً لحدود المتعارف عليه. واعتبر أن الأمر “يلامس ما كان يسمى بالمحاكمات الشعبية ولا يخضع لأي ضابط قانوني معروف. وهي تصرفات غير مقبولة وإلا أصبحنا أمام قضاء شعبوي”.

ورداً على مسألة التذرع بعدم قانونية القرار لعدم تنفيذه، يشير نجار إلى وجود طرق قانونية للمراجعة، وإلى واجب القاضي تنفيذ القرار إلى حين فسخه.

بدوره يؤكد مدعي عام التمييز السابق، القاضي حاتم ماضي، أن قرار عويدات قانوني. ويعتبر أن الصراع بين القضاة غير مستحب. ويشير إلى وسائل أخرى للاعتراض، كأن تطلب القاضية موعداً من مدعي عام التمييز لشرح موقفها. لكنه ينظر إلى الحادثة باعتبارها مجرد زوبعة ستمر.

انتقام من “ندء الوطن”؟

وتزامنت الغارة على مكاتب مكتّف للصيرفة التي يديرها ميشال مكتّف مع تحريك دعوى ضد جريدة “نداء الوطن” وهو أيضاً ناشرها. ولدى سؤاله عما إذا كان ما يصفه بالاستهداف السياسي مرتبطاً بالنقمة على الصحيفة، يجيب مكتّف: “ما خصو غير بالجريدة”.

وفي ظل الهرج الذي سببته عون يبدو أن القوى الأمنية قد وقفت على مسافة واحدة من القاضية ومن مكتّف. فلم تستجب لقرار الأولى بالاقتحام بعدما خلعت باب المكتب ولا لطلب الثاني بحماية شركته. وفي حديث لـ”نداء الوطن” يصرّ مكتّف على أن ما فعلته القاضية خارج عن القانون. ويؤكد أنه رفض الخضوع لطلبها بتسليم الداتا التي بحوزته والمرتبطة بالمصارف. ويضيف أنها أخذت حاسوبه بالقوة عبر استخدام حرسها الموكلين حمايتها في هذه المهمة، وهما عنصران في أمن الدولة.

وفي حين تحاول عون تحويل مكتّف من شاهد في القضية الى متهم بسبب رفضه تسليمها البيانات التي تطلبها، يؤكد الأخير أن قانون السرية المصرفية لا يسمح له بذلك بل يجرمه في حال فعل.

ويشير متابع للشأن الاقتصادي إلى توافر المعلومات التي تطلبها عون من مكتّف لدى مصرف لبنان والمصرف الذي تطلب عون بياناته. ما يطرح سؤالاً إضافياً عن سبب توجه القاضية مع ناشطيها للاعتصام في شركة مكتّف تحديداً. ولدى سؤاله عن سبب الضغط عليه بهذا الشكل دون بقية الجهات لتسليم هذه المعلومات، يجيب مكتّف بأنه يطرح السؤال نفسه. ويلفت إلى أن مصرف لبنان يمتلك هذه المعلومات بشكل أكثر تفصيلاً. ويتابع: “نحن أعطينا كل الأرقام حسب القانون للجنة الرقابة في مصرف لبنان، وعلى عون أن تطلبها من هناك. لو كانت مرتبطة بعمل شركتي لسلمتها إياها”.

ويعتبر مكتّف أنه يلعب اليوم دوراً إيجابياً في الحد من هامش تدهور سعر الصرف، كونه يشحن العملة الصعبة من الخارج إلى لبنان. ويتهم عون بمحاولة توجيه ضربة إعلامية له نظراً لـ”تبعيتها السياسية”.

وعن الخطوات التي سيتخذها بعد ما قامت به القاضية في حرم شركته، يعلن مكتّف أنه يتجه للادعاء على عون أمام القضاء الجزائي. ويصف ما فعلته بالسابقة في لبنان، “فلا يمكن اختصار القانون بشخص أحد”.