Site icon IMLebanon

“اليونيفيل” تتراجع: تجميد كاميرات التجسّس أسبوعًا

كتب فراس الشوفي في الأخبار:

اضطرت «اليونيفيل» إلى التراجع خطوةً إلى الخلف وتجميد مشروع الكاميرات التجسسية في الجنوب لمدّة أسبوع، أمام الحركة الشعبية المعترضة. وفيما لا يزال الإعلام الغربي والعبري صامتاً تجاه «اعترض عمل اليونيفيل» أكثر من 10 مرات في مدة قصيرة، ستسعى القوات الدولية إلى الضغط على الدولة والجيش، الذي لم يعطِ أي موافقة مسبقة على مشروع الكاميرات، بخلاف ادّعاءات ستيفانو ديل كول.

تحت ضغط الرفض الشعبي واعتراضات البلديّات الواقعة جنوبيّ نهر الليطاني، اضطرت قوات «اليونيفيل» إلى تجميد مشروع «كاميرات التجسّس» أسبوعاً جديداً، بذريعة إجراء الاتصالات والمشاورات مع الدولة اللبنانية والجيش اللبناني والأمم المتحّدة.

فالتحرّكات التي قام بها الأهالي والبلديات في الأسابيع الأخيرة واعتراضهم أكثر من عشر مرّات للدوريات والورش التقنيّة، أثناء محاولاتها إنشاء البنية التحتّية لشبكة من الكاميرات التجسسيّة المعقدة (من المخطط أن تكتمل في حزيران المقبل)، وضعت القوات الدولية أمام مهمّة صعبة، بين تصعيد التوتّر باستخدام القوّة ضد الأهالي، أو الالتفاف على الرفض الشعبي، بمحاولة الضغط على الدولة اللبنانية.

«الأخبار» حصلت على بعض المعطيات التفصيلية حول شبكة الكاميرات التي تحاول قوات اليونيفيل نسجها، بهدف معلن هو «حماية قواتها»، وبهدف مضمر هو دعم شبكة الكاميرات التي يسلّطها العدو، لمراقبة منطقة جنوبيّ الليطاني، بحيث تغطي الكاميرات الدولية ما تعجز عنه كاميرات العدو الإسرائيلي في مناطق الثغر الجغرافية.

وبحسب المعلومات، فإن القوات الدولية تنوي إنشاء أو تعديل 20 برجاً/ منصّةً، تتراوح ارتفاعاتها بين 15 و50 متراً، على طول «الخطّ الأزرق»، مزوّدة بكاميرات حرارية يتراوح مداها بين 2 و5 كلم، مع وجود كاميرا واحدة يصل مداها إلى 10 كلم! وتتراوح زوايا الرؤية بين 100 درجة و180 درجة، مع قدرة على الالتفاف تتراوح بين 270 درجة و360 درجة، ما ينسف حجج «اليونيفيل» بأن اتجاه الكاميرات هو جنوب الجنوب. ليس هذا فحسب، يتضمن المشروع نشر أربعة رادارات في أربعة مواقع، مهمتها رصد حركة الأفراد في مساحات شاسعة من منطقة جنوبي الليطاني، لتبديد «هواجس» العدوّ المتعلّقة بالوصول إلى «الخط الأزرق» من دون تشخيص.

تضع هذه الإمكانات التقنيّة الهائلة معظم القرى جنوبي الليطاني تحت أعين القوات الدولية، وتسمح لها بتوثيق الحركة بأدق تفاصيلها، في حلمٍ لطالما عمل عليه العدوّ الإسرائيلي منذ ما قبل اجتياح عام 1978، وسقط إلى غير رجعة مع الانسحاب من الجنوب في 25 أيار 2000 تحت ضربات المقاومة.

الأمر اللافت هو صمت بعض وسائل الإعلام الغربية ــــ التي تتبرّع للدفاع عن «اليونيفيل» إجمالاً، والإعلام العبري الذي يعمل دائماً على تحريض القوات الدولية على المقاومة والدولة اللبنانية والجنوبيين، أو يقوم بإحراجها لدفعها نحو مواقف أكثر تطرّفاً ــــ عن ذكر الاعتراضات الأخيرة، التي عادةً ما كان يتمّ تصنيفها تحت بند «عرقلة حرية الحركة»، وتحميل مسؤوليتها للبنان.

فالحرص الإسرائيلي على نجاح مشروع الكاميرات، والحرص الدولي عبر «اليونيفيل»، هو بالأهميّة التي تدفع هؤلاء إلى الصمت عن ردّ فعل الجنوبيين، ومحاولة الحلحلة بعيداً عن الإعلام، خوفاً من فشل المشروع، أو حتى تهديد وجود القوات الدولية بأكمله في الجنوب اللبناني.

وخلافاً لما روّجه قائد القوات الدولية الجنرال الإيطالي ستيفانو ديل كول، عن أن الجيش اللبناني أعطى موافقة مسبقة على هذا المشروع، أكّدت مصادر عسكرية رفيعة المستوى لـ«الأخبار» أن «موضوع الكاميرات لم ينل أي موافقة رسمية من الجيش»، و«فكرة الكاميرات مرّرها قبل أشهر قائد القوات الدولية خلال اجتماع عام مع القيادة العسكرية مروراً عابراً، من دون أي تفاصيل ومن دون إعطائه أي موافقة مسبقة»، فيما أكّدت مصادر أخرى أن «ديل كول يشتكي من الحركة الشعبية وتناول الملفّ عبر الإعلام».

وفيما عرقلت الحركة الاعتراضية الجزء الثاني من المشروع، أي بدء العمل بالطائرات المسيّرة، تشكّل الطائرات المسيّرة التابعة للمقاومة قلقاً كبيراً لدى العدو والجيوش الغربية، التي تحاول أيضاً عبر «اليونيفيل» تعقّب حركة الطائرات.

وتملك القوات الدولية اليوم ثلاثة رادارات جويّة متنقّلة في الجنوب، اثنان منها حالياً في موقعين للقوات الدولية (واحدٌ مخصصٌ للقطاع الغربي وآخر للقطاع الشرقي من منطقة العمليّات)، بينما يجري العمل حالياً على تموضع الرادار الثالث لسدّ ثغرات معيّنة في القطاع الشرقي. وقد أجرت القوات الدولية تجارب على الرادار في بلدة إبل السّقي أخيراً، كما تخطط لاستخدام رادار بري رابع من الجيش الفرنسي، ليساهم أيضاً في تغطية الثغرات، إلّا أن تلك الخطوات تحتاج إلى تعديلات محددة في اتفاقية التعاون بين فرنسا والقوات الدولية.

أما النقلة الأبرز في خطة شبكة الرادارات الجويّة فهي مشروع استقدام سفينة ألمانية جديدة بعد تسلّم ألمانيا قيادة القوة البحرية من القوة البرازيلية، تحمل على متنها راداراً متخصّصاً برصد الحركة الجويّة فوق البرّ على ارتفاعات منخفضة، في هدف واضح هو مراقبة عمل طائرات المقاومة المسيّرة، ولو كان الهدف المعلن هو مراقبة الحركة الجويّة بشكل عام. إذ إن كل خروقات العدو الإسرائيلي لا تدفع القوات الدولية إلى اتخاذ أي موقف، بل تكتفي بسياسة «العدّ»! فيما تعتبر أي تحرّك لبناني بمثابة خرق للقرار 1701 وتلجأ إلى تحميل المسؤوليات، علماً بأن «إسرائيل» دائماً ما تحصل من القوات الدولية، على ضمانات على المستوى الاستخباري، لسلامة حركة طائراتها في الأجواء.

وفي الوقت عينه، تمارس القوات الدولية ذاتها مجموعة من الخروقات الجويّة لقواعد التحليق. إذ تخرج بعض طائراتها عن المسارات المحدّدة بين بيروت والجنوب، كما تقوم بالتحليق على ارتفاعات دون الـ 500 متر فوق المناطق المأهولة ودون الـ 300 متر فوق المناطق غير المأهولة، بالإضافة إلى التحليق فوق المناطق الممنوعة، مثل مثلّث المخيّمات الفلسطينية (الرشيدية ــــ البصّ ــــ البرج الشمالي)، خلافاً للقواعد. كما تلجأ اليونيفيل إلى استخدام بعض الطائرات المسيّرة للتصوير خارج مواقعها، ويكون الجواب في كلّ مرّة، رداً على مطالبات الجيش، بأن الطائرات تقوم بأعمال تصوير لتقارير إعلامية أو أفلامٍ وثائقية.

هل ستستمر «اليونيفيل» بمشروع الكاميرات معرّضةً مهمّتها بأسرها للخطر أمام «غضب الأهالي»؟ أم أن مصلحة العدو ببقاء القوات الدولية على أرض الجنوب ستتغلّب على التفاصيل، وتتراجع «اليونيفيل» عن هذا المشروع حفاظاً على دورها؟ الإجابات في الأشهر أو الأسابيع المقبلة.