باتت القناعة راسخة ان كل انواع المبادرات والوساطات والمساعي الداخلية لاخراج الحكومة من عنق زجاجة الخلاف بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل لا يمكن ان تؤدي الى الحل، لا بل تشتد المعركة ضراوة بينهما، وما يجري على المسرح القضائي خير دليل. القناعة نفسها متولدة ازاء ما يبذله الخارج مما تبقى من دول مهتمة بلبنان، فأولوياتها في اماكن كثيرة اخرى، وليست في وارد تقديمه الى المراتب الاولى ما دام قادته يرفضون الاسهام في عملية انقاذه، ويقدمون مصالحهم الخاصة ومناكفاتهم الفئوية على مصيره ألآيل الى الزوال.
ازاء القناعتين، لا يجد اللبنانيون ومعهم العالم اجمع بديلا من الانهيار المحتّم والانفجار الشعبي، لا سيما بعد وقف الدعم نهاية ايار المقبل، بما قد يترتب جراءه من تداعيات امنية لن تقتصر شظاياها على لبنان فحسب انما ستتوسع الى الدائرة الاقليمية الاوسع لا سيما سوريا وصولا الى اوروبا في ضوء وجود مليون ونصف مليون نازح سوري، اضافة الى نصف مليون لاجئ فلسطيني على اراضيه، الامر الذي يحرّك تحديدا موسكو وباريس، الاولى من زاوية اتخاذ ما يلزم لعدم تعريض سوريا لخضة كبيرة في وقت تسعى لارساء التسوية السياسية فيها، والثانية درءا لخطر تدفق النازحين واللاجئين الى اوروبا وابعاد تجرع هذا الكأس عن دولها.
تبعا لذلك، تعرب مصادر سياسية مطّلعة عبر “المركزية” عن اعتقادها ان لم يعد من مجال للحل الا بمرحلة انتقالية غير معروفة طبيعتها وشكلها حتى الساعة، ان بانتخابات نيابية مبكرة يدعو اليها حزب القوات اللبنانية، الا ان عناصرها غير مكتملة في ضوء رفض القوى السياسية الكبرى سلوك هذا المسار في ظل قانون الانتخاب المعمول به، لا سيما تيار المستقبل والحزب الاشتراكي الذي راهنت معراب في مرحلة ما بعد انفجار المرفأ على وقوفهما الى جانبها لاحداث التغيير المطلوب، الا انها لم تلق اي تجاوب، او بحكومة طوارئ يتسلم معها الجيش الامرة السياسية في البلاد، بحسب ما اشار اليه نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي امس، لكن حكومة من هذا النوع غير محبّذة باعتبارها خطوة ديكتاتورية في بلد الديموقراطية، كما ان التجربة التي خاضها لبنان سابقا في هذا المضمار ادت الى مزيد من الانتكاس ولم توفر الحل. فكيف سيكون الانتقال شكلا ومضمونا ومن يقوده؟ يبقى هذا السؤال الاكبر الذي لا تملك الاجابة عنه سوى الجهات التي تعد له في الكواليس على الارجح. والثابت الاكيد تختم المصادر هو ان انفجار لبنان ممنوع عالميا.