كتب عمر البردان في “اللواء”:
أمام تعثر التسوية الداخلية لتأليف حكومة جديدة، توازياً مع تراجع المبادرة الفرنسية، بالرغم من تزايد الحديث عن عقوبات أوروبية قد تفرض على معطلي الحكومة، تقدمت إلى الواجهة الجهود الروسية لتجاوز المأزق القائم، دون أن تصل إلى حدود مبادرة قد تفضي إلى ولادة الحكومة في وقت قريب. ومن المتوقع على هذا الصعيد، أن يزور موسكو في التاسع والعشرين من الجاري، رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، بعد زيارتي رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، وقبله وفد «حزب الله»، على أن تستقبل العاصمة الروسية في أيار المقبل، رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ورئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال إرسلان، للبحث معهم في الملف الحكومي، وضرورة تسهيل التوافق على الحكومة الجديدة.
مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الروسية النائب السابق أمل أبو زيد، تحدث لـ«اللواء»، فأشار إلى أن «هناك عقبات داخلية وخارجية لا تزال تحول دون تشكيل الحكومة». وقال إن «هناك عدم توافق بين اللبنانيين على بعض ما جاء في بنود المبادرة الفرنسية، وتحديداً في موضوع التدقيق الجنائي، في ظل غياب الثقة المطلوبة لمعالجة هذا الملف. وقبل ذلك كله هناك ثقة مفقودة أيضاً بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، وهذا يشكل عائقاً أساسياً أمام ولادة الحكومة»، مشيراً إلى أن «مفهوم رئيس الجمهورية لحكومة الاختصاصيين، يختلف عن المفهوم الموجود عند الرئيس المكلف، الأمر الذي عطل التأليف الذي يفترض وجود معيار واحد للسير على أساسه».
وكشف أن هناك «مطالب خارجية تتعلق برفض تمثيل «حزب الله» في الحكومة الجديدة، أكان من الولايات المتحدة الأميركية أو من المملكة العربية السعودية، وهذا الموضوع لم يعد خافياً على أحد، في ظل عدم رغبة هذه الأطراف بأي تمثيل للحزب في التشكيلة العتيدة»، كاشفاً أيضاً أن «وكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل تحدث في هذا الموضوع في زيارته الأخيرة. وفي الوقت نفسه لا يبدو أن هناك توافقاً بين الرئيسين حول عدد من الملفات الإصلاحية الواجب القيام بها، الأمر الذي يؤخر الولادة. فالمطلوب التفاهم على برنامج عمل الحكومة منذ الآن لتفادي المشكلات في المستقبل».
وإذ يشير أبو زيد، إلى أنه «وعلى الرغم من مرور زمن على المبادرة الفرنسية، إلا أن باريس لم تعلن عن التراجع عنها، لكن من وجهة نظري، لا اعتقد أنها باتت على نفس مستوى الزخم الذي رافقها عند الإعلان عنها»، لافتاً إلى أنه «ليس هناك مبادرة روسية لإنتاج حكومة في لبنان، وإنما رأت موسكو أنه لا بد من وجود حكومة تنقذ لبنان من الانهيار، في سياق تفاهم داخلي للخروج من المأزق، وبالتالي لا يمكن أن يبقى لبنان على الهامش، وتحديداً بالنسبة لما يجري في المنطقة. ولهذا فإن الروس يسعون لمساعدة اللبنانيين على التوافق على الحكومة الجديدة. فكما استضافت الرئيس المكلف وقبله حزب الله، ستستضيف في الأيام المقبلة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، إضافة إلى النائب السابق وليد حنبلاط والنائب طلال إرسلان، لاستكشاف آفاق الحل المنتظر، وبلورة مخرج عبارة عن اتفاق مدعوم دوليًا».
ويشدد أبو زيد، على أن «الحل يبقى لبنانياً بالدرجة الأولى، رغم كل محاولات الخارج المساعدة. وهذا ما يفرض على المسؤولين التلاقي والبحث عن المخارج»، مشيراً إلى أنه ليس متأكداً بأن المسعى الروسي سيقود إلى تأليف حكومة في وقت قريب، «لأن الأمور لم تسو بشكل نهائي وما زالت بحاجة لمزيد من الجهد لتجاوز العقبات التي تعترض التأليف»، نافياً وجود تحفظ روسي على أداء العهد بما يتصل بعملية التأليف، «بقدر ما أن موسكو تريد سماع وجهات نظر القيادات اللبنانية»، معرباً عن اعتقاده بأن «تشكيل الحكومة مرتبط بعودة الثقة بين الرئيسين عون والحريري»، ومعتبرا أن الحديث عن فرض عقوبات أوروبية على مسؤولين لبنانيين، «مجرد تهويل»، لأنها «سابقة ليس من السهولة بمكان إيجاد توافق أوروبي حولها».