كتبت لينا الحصري زيلع في “اللواء”:
یواصل الرئیس المكلف سعد الحریري جولاته ولقاءاته الخارجیة وسط جمود سیاسي داخلي لا سیما بالملف الحكومي في ظل استمرار ارتفاع منسوب الازمات في المجالات كافة. فبعد زیارته الى موسكو الاسبوع الماضي ومحادثاته مع المسؤولین الروس، یلتقي الرئیس الحریري الیوم في حاضرة الفاتیكان البابا فرنسیس الذي یتابع عن كثب الملف اللبناني، ومن المتوقع ان یتناول لقاء الحریري والبابا مجمل الاوضاع اللبنانیة والمستجدات الراهنة في المنطقة، حیث سیعرض الاول مساعیه لتشكیل حكومة اختصاصیین حسب ما نصت علیها المبادرة الفرنسیة اضافة الى اهمیة الوجود المسیحي في منطقة الشرق الاوسط.
وأفادت معلومات مصدر مطلع لـ«اللواء» أن الرئیس الحریري بادر منذ قرابة الشهر بطلب لقاء البابا حیث تبلغ من سفیر الكرسي الرسولي في السادس من نیسان الجاري بموعد اللقاء، وكما اصبح معروفا فإن زیارة الرئیس الحریري الى حاضرة الفاتیكان ستشمل ایضا لقاء رئیس وزراء الدولة الكاردینال بترو بارولین.
مصادر سیاسیة متابعة للزیارة كشفت «للواء» ان الرئیس الحریري سیتطرق بشكل اساسي خلال مقابلته البابا فرنسیس الى اهمیة الاستقرار في المنطقة عموما ولبنان خصوصا والذي اصبح اخر دولة وازنة للمسیحیین في الشرق الاوسط، وعلى ضرورة المحافظة على استقراره وعدم اهتزازه لانه ضمانة لاستمرار التعایش الاسلامي المسیحي، خصوصا بعد الاوضاع المأساویة التي تعیشها كل من سوریا والعراق، وهذا الامر حسب المصادر لمسه البابا فرنسیس خلال زیارته الاخیرة الى العراق منذ اشهر قلیلة.
وتعتبر هذه المصادر ان اهم امر لضمان استمراریة العیش المشترك هو ان یكون هناك تفاهم بین المجتمعات، لذلك أطلق البابا فرنسیس مبادرة الازهر كما انه قام ایضا بزیارة تاریخیة الى دولة الامارات العربیة المتحدة، وكل هذا یعتبر جزءًا من التواصل الناشط مع المكونات الأخرى في المنطقة.
وتشیر المصادر الى ان رأس الكنیسة الكاثولیكیة لیس وحده من یهتم بالوجود المسیحي في المنطقة، بل ایضا الرئیس الفرنسي مانویل ماكرون فعند زیارته الى لبنان قدم منحة مالیة كبیرة كمساعدة للمدارس الكاثولیكیة لاستمرار بقائهم ، ویبدو ان الرئیس الحریري یحمل خلال زیارته الى حاضرة الفاتیكان رسالة تأكید ودعم ایضا لهذا التوجه.
وتنفي المصادر المتابعة ان یكون لدى الحریري نیة بإثارة تفاصیل الشأن الحكومي لا سیما ان للزیارة بعد حضاري ودیني آخر، وان اكبر ضمانة للمسیحیین في لبنان ان یكونوا على محبة ووئام وتفاهم مع جمیع المكونات في المنطقة.
كما تؤكد المصادر الى ان الهدف السیاسي من الزیارة هو دعم صیغة العیش المشترك الذي یجسدها اتفاق الطائف مع العلم ان بعض اركان الحكم الیوم یرفضون هذا الاتفاق، فضلاً عن ان الزیارة تحمل معاني اضافیة، وتظهر قمة التفاهم الحضاري والثقافي خصوصا انها تأتي في شهر رمضان الفضیل، وهذا الأمر یعتبر بمثابة رسالة هامة بوجه التعصب والتطرف.
اما مصادر اخرى مطلعة على موقف الفاتیكان تؤكد من ناحیتها لـ«اللواء» اهمیة الزیارة الحریریة الى عاصمة الكثلكة في هذا الوقت، وتشیر الى انها دلیل ثقة وتعاون معه، لا سیما ان الفاتیكان التي تعتبر مرجعیة روحیة ومعنویة تتابع باهتمام الاوضاع اللبنانیة، وهي تدعم المبادرة الفرنسیة بكافة مندرجاتها وتشیر المصادر الى اهمیة دور البابا الفاعل والمؤثر خصوصا بالنسبة الى مواقفه الداعمة دائما للوحدة والسیادة، وامنیاته المستمرة بضرورة تشكیل الحكومة الیوم قبل الغد، وهو ابدى مرات عدة قلقا حیال استمرار الازمة الحالیة. والاهتمام البابوي بلبنان لیس جدیدا على الفاتیكان، فهو كان دائما موضع حرص من قبل الباباوات السابقین، خصوصا من قبل البابا یوحنا بولس الثاني الذي خص لبنان بزیارة تاریخیة في العام 1997 لتسلیم الارشاد الرسولي الصادر عن السینودوس واعتبر یومها لبنان بانه اكثر من مجرد وطن، بل رسالة سلام. كما أن زیارة البابا بندیكتوس السادس عشر الى بیروت في ایلول 2012 والتي استمرت ثلاثة ایام ووقع خلالها «الارشاد الرسولي» الموجه لمسیحي الشرق تؤكد اعتبار التوازن اللبناني یشكل نموذجا للشرق الاوسط والعالم.
غیاض
وعن موقف بكركي من زیارة الرئیس الحریري الى الفاتیكان یعتبر مسؤول الاعلام والبروتوكول في البطریركیة المارونیة ولید غیاض ان لا علاقة مباشرة لبكركي بزیارة الرئیس الحریري الى الفاتیكان.
ویأمل غیاض ان تسفر الزیارة عن نتائج ایجابیة فیما یتعلق اولا بتشكیل الحكومة، وثانياً بالوضع العام في لبنان، خصوصا اذا كانت تساهم للدفع الى الامام بشكل عام لا سیما بالنسبة للخروج من دوامة الأزمات الراهنة.
ویقول مسؤول الاعلام في الصرح البطریركي «ان الفاتیكان لم یعلن شیئا حول الزیارة، ونحن لسنا على اطلاع على اهدافها والغایة منها، خصوصا ان الرئیس الحریري هو من طلب الموعد».
وهل سیكون للبطریرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي زیارة قریبة الى الفاتیكان؟ یجیب غیاض: «لیس على جدول مواعید غبطة البطریرك اي زیارات خارجیة، مع العلم ان هناك دعوة وجهت له من دولة الامارات العربیة المتحدة ولكن لم یتم تحدید اي موعد لها ولا الى اي دولة اخرى».
المطران صیاح
من ناحیته، یعتبر النائب البطریركي العام المطران بولس صیاح ان الفاتیكان مهتم بالملف اللبناني، وهو لم یوجه الدعوة الى الرئیس الحریري بل اعطي الموعد له بناء على طلب منه، واكد ان دولة الفاتیكان هي على مسافة واحدة من الجمیع، ولا تتدخل في الامور الداخلیة اللبنانیة الصغیرة وزواریب السیاسة، مشیرا الى ان هناك اهتمام دائم من قبل البابا فرنسیس بلبنان الذي یذكره بصلواته وعظاته بشكل مستمر، لافتا الى ان الكرسي الرسولي یبذل كل جهوده للمساعدة على حل الازمة اللبنانیة، كما انه اید المبادرة الفرنسیة وهو یعمل للمساعدة على إنجاحها وهو یدعم اي تحرك یمكن ان بساهم في حل الازمة اللبنانیة.
وحول آلیة تحدید المواعید مع البابا یعتبر صیاح ان الرئیس الحریري بالنسبة الى الفاتیكان لیس كأي شخصیة سیاسیة عادیة، فهو رئیس حكومة سابق ورئیس مكلف تشكیل حكومة جدیدة ، كما ان الوضع في لبنان صعب للغایة، لذلك لیس من الغریب ان یلبي الفاتیكان طلب الرئیس الحریري بلقاء البابا فرنسیس وهو مرحب به لدى الكرسي الرسولي، الذي من المؤكد انه لا یمكنه ان یتأخر عن استقبال اي شخصیة تساعد في حل الازمة اللبنانیة، خصوصا ان مواقف البابا تؤكد اهتمامه الواضح بلبنان الذي یأمل بزیارته قریبا، ولكن الامر لیس وارداً في الوقت الراهن في ظل إستمرار الاوضاع على ما هي علیه من تأزم وضیاع.