كتبت جريدة الأخبار:
بعدَ أشهر من تكليف الرئيس سعد الحريري، صار أمر الحكومة، التي من المفترض أن يؤلّفها، في خبر كان. على المسرح السياسي، يجري التعامل مع هذا الاستحقاق كأنّه هامشيّ، وبالكاد يجري التأكيد على ضرورة ولادتها في البيانات من باب «الواجب» لا أكثر. أما عملياً، فالإجابة عن التطوّرات بشأنها دائماً بأنها «صفر». لا شيء جديداً يُمكن الاعتماد عليه كمؤشر إيجابي، بينما كل طرف يتصرّف كأنه بريء من العقد. وفيما أصبح الحريري دائم الترحال، من بلد إلى آخر، وصل أمس إلى روما بزيارة فاتيكانية، يلتقي في خلالها البابا فرنسيس، كانت وجهة رئيس تكتّل «لبنان القوي» جبران باسيل، أمس، بكركي، حيث عقد لقاء مطوّلاً مع البطريرك الماروني بشارة الراعي، تخلّله عشاء.
وكان كلام باسيل من بكركي بارزاً، وكأنه ردّ على زيارة الحريري، فقال «لبّيت دعوة صاحب الغبطة إلى العشاء، واستأذنته كي أتحدّث بأمور تليق بهذا الصرح وبتاريخه، وبنضالات التيار الوطني الحر. لو أن المسيح تنازل من ألفَي سنة لما كان هناك مسيحيون اليوم. فالمسيح صلب كي يشهد للحق. والفرق بين الوصايا العشر وتعاليم المسيح هو أن الوصايا العشر تحدثت عن الـ«لا»، بينما تعاليم المسيح تحدثت عن الشهادة للحق». بهذه الكلمات، كان باسيل واضحاً، لجهة أن الحكومة لا تتألف في أي مكان، وإنما في بيروت. واللافت في تزامن الدعوة البطريركية مع زيارة الحريري الفاتيكانية أنها بدت محاولة لإضفاء نوع من التوازن على موقف الكنيسة.
بحسب مصادر مطّلعة، كان اللقاء «أكثر إيجابية من أيّ لقاء سابق»، وقد «تمّ الاتفاق على جهد مشترك لدفع الحريري الى التشكيل. وستكون هناك متابعة». كما بدا الراعي أكثر تفهّماً للحاجة لدى رئيس الجمهورية بالإسراع الى تشكيل حكومة، وأن الجهد يجب أن ينصبّ على ذلك، وخصوصاً أن البلد في حالة انهيار ينتظر الحكومة. وفُهم من مصادر في بكركي أن الحريري لا يزال يؤكّد للبطريرك أن رئيس الجمهورية يريد حكومة سياسيين يكون له فيها الثلث المعطل، في وقت لا يزال فيه الرئيس المكلف يرفض تقديم تشكيلة حكومية كاملة وفق المنهجية التي لطالما اعتمدت، والتي تتضمن الحقائب وتوزيعها على المذاهب والأسماء ومرجعياتها السياسية، إذ سيتبيّن أنه في حكومة من 24 وزيراً، لن ينال فريق رئيس الجمهورية، مع الطاشناق والنائب طلال أرسلان، أكثر من ثمانية مقاعد. وفُهم من المصادر نفسها أن البطريرك أكّد لباسيل أنّه ليس من حق الحريري تسمية الوزراء المسيحيين في الحكومة.
وبينما الحكومة العتيدة عالقة بين أطراف النزاع، تحاول حكومة تصريف الأعمال تأخير الانفجار الاجتماعي في وجهها. وفي هذا الإطار، جاءت زيارة رئيسها حسان دياب الأخيرة لقطر، حيث ناقش عدداً من الملفات، إذ قالت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار» إن واحدة من القضايا التي طرحها دياب في الدوحة هي البطاقة التموينية التي لا تزال تفتقر الى مصادر تمويل. وذلك بعدما سأل الجانب القطري عن سبل مساعدة لبنان والمشكلات الحالية التي تستوجب حلولاً سريعة. وبحسب المصادر، فإنّ هذه المسألة «هي قيد الدرس عند القطريين، ومن المفترض أن نسمع أخباراً جيدة في الأيام أو الأسابيع المقبلة».
وأشارت المصادر إلى أن «أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني كلّف رئيس الوزراء القطري بالتنسيق مع الرئيس دياب حول الملفات التي جرى النقاش فيها، وهناك جدية ونيّة حقيقية للمساعدة». وبينما رجّحت المصادر «وصول وفد قطري الى لبنان قريباً»، قالت إن «الجانب القطري تحدّث عن أن عدداً من الجهات اللبنانية شاوره في إمكانية أن تكون هناك مبادرة أخرى كالدوحة، فيما أكّد القطريّون أنّهم جاهزون إذا كانت هناك رغبة لدى الأطراف اللبنانية بهذه المساعدة».