كتب محمد دهشة في نداء الوطن:
يحاول الصيداويون جاهدين الحفاظ على رونق شهر رمضان المبارك، بعدما اجتمعت كل الاسباب: الضائقة المعيشية وجائحة “كورونا” وارتفاع سعر الدولار، لتسرق الفرح منهم بعد الحجز على أموالهم في المصارف من دون وجه حق، فأصبحوا كالهائمين على وجوههم و”على الارض يا حكم”.
في منطقة الشاكرية عند مدخل أحد احياء صيدا القديمة وتحت قباب حجرية، ينهمك المعلم شادي زبيدة بصبّ عجينة القطايف، الحلوى الاكثر شعبية ورخصاً في رمضان، والتي تحوّلت جزءاً من العادات والتقاليد المتوارثة في المدينة رغم غزو اصناف جديدة اطيب وألذّ لتنافسها.
ويقول شادي لـ”نداء الوطن”: “رغم أنّ القطايف الحلوى الارخص في رمضان، الا أنّ الاقبال عليها تراجع كثيراً بسبب الضائقة المعيشية، سعر الكيلو عشرة آلاف ليرة لبنانية، ولكن المشكلة تكمن في حشوها، سواء بالجبنة او الجوز او القشطة وكلها غالية”، مشيراً الى “أنّ الكيلو يوازي نحو عشرين حبّة، كان الزبون يشتري على الاقل كيلو، الآن بات بالحبّة حسب عدد افراد عائلته بهدف التوفير من دون حرمانهم من الحلوى، والعائلات الفقيرة لا تشتري… وإن فعلت، تقوم بحشوه بالمهلبية المصنوعة في البيت”.
وتصنع القطايف من الطحين والمياه والخميرة والكربونة وبعض الحليب وتخفق جيداً ثم تصبّ على فرن مسطّح من النار لتخبز بقطع صغيرة او كبيرة. ويوضح شادي “أنّ اسعار مكوناتها ارتفعت ارتباطاً بالدولار، كيس السكر كان بـ 50 الفاً اصبح 420 الف ليرة، الطحين 35 بات 100 الف، اضافة الى الجاط والاكياس كانت بـ 30 وصارت بـ300 الف، ورغم ذلك لم يرتفع سعرها كثيراً عن السابق”.
ويؤكد الحلونجي ابو محمد الاسود لـ”نداء الوطن” أنّ “الاقبال على الحلويات بشكل عام تراجع بسبب الازمة المعيشية وارتفاع اسعارها وكثر اعتبروها من الكماليات، ولكن في رمضان تبقى لها خصوصية، فيقبل الناس على شراء القطايف، الى جانب الشعيبيات والعثملية والمدلوقة وحلاوة الجبن والكلاّج وغيرها مهما كانت الظروف صعبة”، موضحاً “أنّ بعض العائلات عادت لاعدادها في المنازل كما كان الحال قبل عقود خلت”.
مرارة العيش
وعلى نقيض حلوى رمضان، فإنّ مرارة العيش توالت فصولاً، في طوابير الانتظار على السلع المدعومة إن وجدت حيث لم تجدِ كل محاولات الحدّ من احتكارها، فيما يستمرّ تقنين تعبئة البنزين في محطات الوقود، بعدما عمد اصحابها الى العمل لساعات محدودة فقط، وملء خزّان السيارات بعشرين الف ليرة، وبينهما بقي عدّاد اسعار المواد الغذائية والخضار يحلّق عالياً وكلّ يلقي باللوم والمسؤولية على الآخر من التاجر الى البائع، فيما يدفع المواطن الثمن دوماً.
وعلمت “نداء الوطن” أنّ القوى الامنية والعسكرية نشطت دورياتها في المدينة وفي مختلف شوارعها واحيائها ليلاً لمنع اي محاولة للسرقة مع ازديادها، ونبّهت اصحاب المقاهي والمحال بضرورة الالتزام بالاقفال عند الساعة التاسعة والنصف ليلاً وِفق ما قرّرته وزارة الداخلية لمنع تفشّي وباء “كورونا”، في وقت التزمت المساجد باقفال ابوابها بعد صلاة العشاء والتراويح مباشرة من دون السماح بإقامة صلاة الليل فيها.