رسمت مصادر ديبلوماسية اوروبية صورة سوداء حول مستقبل الوضع في لبنان. وقالت لـ”الجمهورية”: “لم يعد امام اصدقاء لبنان ما يقدّمونه، فقد حاولوا واستنفدوا كل نصائحهم وتمنياتهم على القادة في لبنان، وكان ردّ فعلهم محبطاً لكل ذلك”.
واكّدت المصادر، انّ المجتمع الدولي بات ينظر الى لبنان بعينين، عين الحزن على لبنان، والشفقة على اللبنانيين. وعين ماقتة لمنحى التعطيل المتعمّد الذي يُمعن فيه سياسيون ومسؤولون رسميون في لبنان، مثبتين في ذلك عدم تحسسهم بما اصاب اللبنانيين، وعدم صدقية تعهداتهم التي قطعوها لتسهيل الحلول وتشكيل حكومة مهمّة متوازنة تتصدّى للأزمة التي تزداد اختناقاً.
وكشفت المصادر ما يفيد بأنّ كل السفارات المعتمدة في لبنان، ومع وصول الحلول والمبادرات الى نقطة الفشل، لم يبق لها سوى ان ترصد تطورات الوضع في لبنان والذي ينذر بانهيارات. مشيرة الى انّ رسائل تحذيرية أُبلغت الى كبار المسؤولين اللبنانيين تفيد بأنّ “وضعكم ملتهب ويتهاوى، ونخشى ان ينحدر اكثر وينهار بوتيرة سريعة وشديدة الخطورة”.
وتؤكّد المصادر “انّ تذرّع بعض اطراف الأزمة في لبنان بأنّ ازمة تعطيل تشكيل الحكومة ناجمة عن عامل خارجي مانع لها، هو امر مجاف للحقيقة، ويشكّل اساءة واهانة لكل اصدقاء لبنان. فلا عائق دولياً او اقليمياً امام الحل والتفاهم على حكومة في لبنان. فالمجتمع الدولي بأسره يدفع في هذا الاتجاه منذ اللحظة التي انحدر فيها لبنان الى ازمته، وسعى الى فتح كل الابواب التي من شأنها ان تقود الى تفاهم على حكومة، تقود بدورها الى فتح باب المساعدات لهذا البلد. ولكن مع الاسف هناك في لبنان من يرفض ان يساعد بلده”.
وتمضي المصادر الديبلوماسية قائلة: “انّ كلّ مجريات الأزمة في لبنان، يؤكّد انّ سبب التعطيل لبناني، ونابع من جهات نافذة في الدولة ومعروفة بالاسم، تغلّب مصلحة تيارها السياسي على مصالح كل اللبنانيين، ولا نستطيع ان نغفل هنا جوهر التعطيل، الذي يتبدّى في الإشكالات المتتالية بين “التيار الوطني الحر” و”تيار المستقبل” وفرقاء آخرين، والتي ترتدي بين حين وآخر عناوين مختلفة سياسية، او مالية او قضائية وغير ذلك”.
وتكشف المصادر، انّ المستويات اللبنانية أُبلغت بشكل صريح برغبة المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة الاميركية وكذلك فرنسا، بأن يبادر اللبنانيون الى التفاهم الفوري على حكومة وعدم تضييع الوقت والفرص المتاحة بالدعم الدولي المتوفّر لهذه الحكومة. وثمة من هذه المستويات من سمع مباشرة من مسؤولين دوليين كبار، بأنّ تشكيل حكومة سريعاً في لبنان تلبّي ما يطمح اليه اللبنانيون من عمل وجهد واصلاحات، سيرتد بإيجابيات جدّية وملحوظة على لبنان، والتأخير في ذلك سيلحق به الضرر الفادح. وننصح إن كان طرف ما يراهن على التعطيل وتضييع فرص الحل، ريثما تنجلي صورة المفاوضات حول الملف النووي الايراني، في محاولة منه لتحسين اوراقه تبعاً لتطورات تلك المفاوضات، فهو يراهن على سراب ولن يحصد اي ايجابية، بل العكس السلبية ستتزايد على لبنان. ولنفرض انّ هذه المفاوضات ستنتهي الى اتفاق، فهذه المفاوضات في بداياتها، وإن سارت نحو الاتفاق فسيستلزم ذلك اشهراً عدة، وربما الى ما بعد الصيف المقبل. فهل يستطيع ان يحتمل لبنان هذا الاهتراء الذي هو عليه لأشهر عدة. وحتى لو حصل الاتفاق حول الملف النووي، فمن قال انّه سينعكس عليكم بسرعة. الافضل لكم هو ان ترتبوا وضعكم الداخلي وتشكّلوا حكومة وتمنحوها حرية العمل لإجراء اصلاحات وإنقاذ بلدكم”.