Site icon IMLebanon

مَن سيضخ الدولار في “منصة مصرف لبنان” وكيف؟

جاء في الراي الكويتية:

يستعد مصرف لبنان لإطلاق منصة التداول الالكترونية يوم الاثنين، ويديرها بمشاركة المصارف العاملة وشركات الصرافة المرخصة، بهدف «تنظيم عمليات الصرافة، حمايةً لاستقرار سعر صرف الليرة اللبنانية».

وتؤكد مصادر مصرفية مُشارِكة لـ «الراي»، أنه باستثناء الجانب التقني الذي اكتمل من خلال دورة تدريبية للموظفين المخوّلين باستخدام الشبكة الالكترونية للمبادلات، تَعَذَّرَ حتى على المصارف بوصْفها الشريك الأساسي للبنك المركزي الحصولُ على الكثير من الأجوبة الشافية ذات الصلة، وبما يشمل تحديدَ صفات المستفيدين، وهل ينبغي على كل مصرف حصْرهم بعملائه فقط، وكيفية إعداد الملفات والتدقيق بمشروعية الطلب وحدود المبالغ المسموح بها يومياً أو أسبوعياً، وأيضاً ماهية دور شركات الصرافة ومَن هي الفئات المشمولة بتغطيتها.

واذ توقّع مسؤولٌ مصرفي كبير لـ «الراي» أن يعمد البنك المركزي مطلع الأسبوع الطالع الى إصدار مذكرة معلومات أو تعميم موجَّه إلى المؤسسات المالية وشركات الصرافة بهدف الإجابة بوضوح تام عن مجمل هذه الاستفسارات، انما السؤال الأهمّ المرتبط بمصدر تلبية الطلب على الدولار عبر المنصة سيبقى معلَّقاً على «كتمان» المسؤولين في «المركزي» ريثما يتم التشغيل الفعلي للعمليات.

بذلك، يمكن الاستنباط مسبقاً بأن انطلاقة المنصة ستكون بمنزلة اختبار مباشر لقدرات التشغيل الفنية في الأيام الأولى، مع فحصٍ حسي لمتوسطات الطلب اليومي الذي سيجري حصْره بالتجار والمستوردين. كما يرتقب اشتراط المبادلة بالسيولة النقدية حصراً، بحيث تكفل كل عملية بيع للدولار امتصاص جزء من فوائض السيولة بالليرة والتي زادت بشكل حاد خلال الفترة الماضية لتصل الى نحو 36 تريليون ليرة، أي ما يوازي 3.6 مليارات دولار بحسب السعر المتوقّع اعتماده في تداولات المنصة، والبالغ 10 آلاف ليرة وفق تصريحٍ سابق لوزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني.

ويؤكد المسؤول المصرفي لـ «الراي» أن هذه الآلية تضمن «نظرياً» عودة مصرف لبنان إلى ممارسة دوره الريادي في سوق قطعٍ واقعية من دون التخلي حالياً عن السعر الرسمي للدولار البالغ 1515 ليرة ولا عن سعر المنصة الأولى «صيرفة» البالغ 3900 ليرة. لكن البنك المركزي يعاني بدوره ندرة الدولار لديه الى حدود الضحالة التي لا تتعدى مليار دولار في أعلى التقديرات، لو تم عزل احتياطات الودائع الالزامية البالغة نحو 16.5 مليار دولار، وذلك بسبب «ثقب الدعم» الذي استنزف نحو 9 مليارات دولار من احتياطي العملات الصعبة على مدى 18 شهراً، رغم عقمه الصارخ الناجم عن تحوّل النسبة الأكبر من مبالغه، أي ما يفوق ثلثيه، لمصلحة الاحتكارات وتهريب السلع إلى الخارج.

ويلاحظ، أن أي جهد تقني محكوم سلفاً بمحدودية النتائج قصيرة الأجَل. فالكل مدرك، بمَن فيهم حاكم «المركزي» رياض سلامة، أن استحكام الخلافات السياسية الداخلية وتعثُّر تأليف حكومة جديدة يزيدان من عمق «القعر» الذي بلغه التدهور ويؤججان الفوضى النقدية العارمة التي تضرب البلاد. كما أن حملات التشكيك بالسلطة النقدية والمنظومة المصرفية شكلت مناخاتٍ ماليةً خطرةً تشي بإطباق الحصار المالي الخارجي على لبنان وقطع قنوات تواصله مع الأسواق الدولية من خلال المصارف المُراسِلة.

ويجزم المسؤول المصرفي بأن هامش المناورة لمداواة جروح نازفة بالمسكنات بات ضيقاً «فتخفيف الألم لوقت قصير لا يشكل بديلاً، بأي حال، لأسبقية المعالجة. والحقيقة الساطعة أن مبادرة البنك المركزي تملك مفاتيح إعادة تنظيم أسواق النقد لو كانت مظلَّلة بسقف سياسي داخلي، ومقرونة بتسريع حسم ملف تأليف حكومة جديدةٍ تتكفّل بإعادة صوغ خطة متكاملة للانقاذ الاقتصادي، ومن ثم رفدها بتأييد جامع وطرْح بنودها لمفاوضات جدية وهادفة، عبر فريق موحّد ومتجانس، مع صندوق النقد الدولي. والعجب أن تكون أبواب الخروج محدَّدة ومشرّعة فيما ترسو الخيارات الداخلية على فتْح قفل الحديد برؤوس الفقراء والجائعين».

تجدر الاشارة الى أن البنك المركزي أتمّ، خلال الأيام الأخيرة، الاجراءات اللوجستية المُمَهِّدة لانطلاق المنصة، بما يشمل التدريب التقني. وكان استبقها بتعميم منح فيه المَصارف العاملة الرخص القانونية للقيام بعمليات الصرافة والتي كانت منوطة حصراً بشركات الصرافة وفق مفهوم القانون رقم 347 تاريخ 8/6/ 2001.