Site icon IMLebanon

إجماع سياسي – روحي على رفض أداء غادة عون… هل يُبيّضها “التفتيش”؟

جاء في “المركزية”:

ما كانت القاضية غادة عون لتتحدى رؤساءها وقراراتهم، وما كانت لتتجرّأ على المواجهة والتحدي، لولا الغطاء الكامل والتام السياسي و”الامني” الذي يؤمّنه لها العهد. ويبدو الفريق الحاكم، مصرا، وحده، على المضي قدما في مساندة القاضية “المتمرّدة”. فبعد ان تردّد انه زوّدها بضابطة عدلية في الساعات الماضية، فيما ختم القاضي سامر ليشع مكاتب شركة مكتّف ومكاتبها بالشمع الاحمر في خطوة يُفترض قانونا” ان تكفّ يدها تماما عن الملف… قال رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل السبت “عم يحاولوا منع القاضية من استكمال تحقيقاتها! شو مخبّا بهالملف؟ من شو الخوف؟ خلّوها تكمل شغلها وثبّتوا انّو ما معها حقّ! مش كل مرّة تضبضبوا الملفات. شو عم يعملوا ليوقّفوا التحقيقات؟ اوّل شي صار في شكوى على غادة عون انّو باستدعائها لأحد المشتبه فيهم قامت بجرم قدح وذمّ عليه، فتم استدعاؤها للتحقيق معها! تخيّلوا هالسابقة، تصير مع كل مدّعي عام بيستدعي حدا بيتحوّل على التحقيق بجرم قدح وذم”!

لكن بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، تَكوّن في الايام الماضية إجماع شعبي سياسي وايضا روحي، على رفض “التنكيل” بالقوانين. فهذا السلوك، لم يستفزّ فقط خصوم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وباسيل، في الوسطين السياسي و”الثَوري”، بل لم تتمكّن المرجعيات الروحية حتى من هضمه، وقد هالها مشهد قاضية تكسر القانون ومعه الأَقفال والابواب! ففي عظته امس، قال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي “أصابنا الذهول ونحن نرى على شاشات التلفزة واقعة قضائية لا تمت بصلة إلى الحضارة القضائية ولا إلى تقاليد القضاء اللبناني منذ أن وجد. فما جرى يشوه وجه القاضي النزيه والحر من أي إنتماء، ذي الهيبة التي تفرض إحترامها واحترام العدالة وقوانينها. نحن نصر على أن يكافح القضاء مكامن الفساد والجريمة بعيدا من أي تدخل سياسي. ونصر على أن تعود الحقوق إلى أصحابها، لاسيما الودائع المصرفية. ولكن ما جرى، وهو مخالف للأصول القضائية والقواعد القانونية، قد أصاب هيبة السلطة القضائية واحترامها وكونها الضمانة الوحيدة لحقوق المواطنين وحرياتهم في خلافاتهم في ما بينهم، وفي نزاعاتهم مع السلطة والدولة، وبتنا نتساءل بقلق عظيم عن ماهية ما حصل وخلفياته”.

اما متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، فقال في قداس أحد الشعانين” معيب ومخز ما نعيشه في لبنان. فبعد تدمير سمعة لبنان المالية والسياسية والإجتماعية، ها نحن نشهد تدمير المؤسسات والقضاء عليها، وآخرها السلطة القضائية التي هي حصن لبنان الأخير مع الجيش. هل يجوز أن يتمرد قاض على القانون وهو مؤتمن على تطبيقه؟ هل يجوز أن يقتحم قاض أملاكا خاصة دون مسوغ قانوني؟ وهل يجوز الإعتداء على الإعلاميين الذين يؤدون واجبهم؟ مهما كانت القضية التي يحملها هذا القاضي محقة، ومهما كان من يشن عليهم حربه مخطئين ومتجاوزين للقوانين، هل يجوز أن يخرج القاضي على القانون؟ وإذا كان المؤتمنون على إحقاق العدل غير عادلين، فأي عدل نبتغي، وأي حكم وأي ملك، بما أن العدل أساس الملك”؟

الراعي وعودة، اللذان انتقدا بنبرة عالية وبكلمات من العيار الثقيل ما حصل امام شركة مكتّف للصيرفة، نطقا باسم شريحة واسعة من اللبنانيين، وقد انضما في موقفهما هذا، كما أسلفنا، الى معظم القوى السياسية التي استنكرت تصرّف عون… امام هذا الشرخ، تتجه العيون اليوم الى التفتيش القضائي. فالقضاء الاعلى أحال عون اليه، وقد استمع القاضي بركان سعد الى عون الجمعة. وفي رأي المصادر، التفتيش، اذا حكم كما يجب في هذه القضية، قادر على اعادة بعض الهيبة الى القضاء الذي تهشّمت صورته بقوة في الايام الماضية. فاذا قال سعد كلمة حقّ واتّخذ الاجراء المناسب والعادل في حق عون وتصرّفاتها وتحدّيها مرؤوسيها، سيكون خطا خطوة اولى على طريق ترميم وجه السلطة القضائية. أما اذا خضع، في شكل او في آخر، لرغبة بعض السياسيين، وتساهل في “حُكمه” او ماطل في القضية، فإنه سيطلق رصاصة الرحمة ليس فقط على الجسم القضائي بل ايضا على اي امل بقيام دولة قانون ومؤسسات في لبنان… فهل “يبيّضها” ام لا؟!