كتبت رندة تقي الدين في “نداء الوطن”:
يسود استياء وغضب شديدان بين صفوف المسؤولين الفرنسيين المتابعين للملف اللبناني، ورغم ذلك يتواصل التحرك الفرنسي بالضغط على المسؤولين اللبنانيين وتستمر الاتصالات، ومن غير المستبعد أن يزور وزير الخارجية جان ايف لودريان لبنان ليردد الكلام نفسه بعدما تحدّث مع زملائه الأوروبيين، وبعدما أعلن الممثل الاعلى لديبلوماسية الاتحاد الاوروبي جوزف بوريل العمل على الضغط على لبنان مع بدء الحديث عن العقوبات التي قد تأخذ وقتاً على المعرقلين.
وتحدث مسؤول فرنسي رفيع لـ”نداء الوطن” بلهجة مستاءة وثائرة تجاه الوضع اللبناني، قائلاً: “فرنسا ما زالت تتصل بالفرقاء اللبنانيين وشركائها الأوروبيين وأصدقائها في الخليج من أجل الضغط لتشكيل حكومة، لكن لا يمكنها أن تجمع كل الفرقاء اللبنانيين على الاتفاق على برنامج إصلاحات، خصوصاً وأنّ باريس كانت قد قامت بذلك سابقاً وعجزوا عن تنفيذه (في اشارة إلى مؤتمر سيدر وما بعده)”، وأضاف: “الرئيس إيمانويل ماكرون تحدث مع معظم رؤساء الدول عن موضوع لبنان وضرورة تشكيل الحكومة وإنقاذ البلد، فهو ناقش الموضوع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومع الرئيس الاميركي جو بايدن والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والقيادات الخليجية، وإذا كان أي منهم باستطاعته ان يفعل أفضل مما قام به الرئيس الفرنسي فليقدم على ذلك، ولكن يبدو ذلك غير ممكن نظراً لتعنت وعدم مسؤولية الذين يعطلون تشكيل الحكومة”. وحذر المسؤول الفرنسي من أنّ “خطر النهاية في لبنان يقترب كل يوم والشعب اللبناني سيزداد فقراً واللاجئون السوريون سيستقرون فيه وستحدث “بلقنة” لبنان ومن سيكون بمقدوره مغادرة البلد سيهاجر”، متسائلاً عما يمكن لفرنسا “أن تفعله أكثر مما تقوم به بينما المسؤولون السياسيون غير مدركين لخطورة الوضع والانهيار الحاصل”.
وأكد المسؤول الفرنسي أنّ بلاده “تلجأ إلى تقديم حوافز وممارسة ضغوط، والرئيس ماكرون خاطر بتدخله لينقذ الوضع ولكن لم يتجاوب المسؤولون اللبنانيون معه وفي النهاية هذا بلدهم ولا يمكننا ان نحل مكانهم”، وقال: “العقوبات الأوروبية ستأخذ وقتاً ولكن في الوقت نفسه على جبران باسيل وسعد الحريري أن يدركا أن لكل هذه النتائج كلفة كبرى عليهما وسيدفع كلاهما الثمن، رغم أنهما ليسا وحدهما المسؤولين لكنهما يتحملان مسؤولية الانهيار”. وعما اذا كانت هنالك زيارات فرنسية مرتقبة إلى لبنان، أجاب: “زار رئيس قسم الازمات في الخارجية الفرنسية ايريك شوفاليي بيروت للنظر في توزيع المساعدات الإنسانية الفرنسية، وربما يقوم وزير الخارجية جان ايف لودريان بزيارة إلى لبنان ولكن اذا بقيت المواقف كما هي فلا خلاص للبنان”.
وإذ رأى أنّ “جبران باسيل وسعد الحريري و”حزب الله” مرتاحون لعدم تشكل حكومة في هذا الوقت، فهم يستوردون النفط بمال المودعين اللبنانيين وهذا نهب جماعي للمودعين”، أضاف: “نحن لا نعرف في أي وقت سيدرك هؤلاء المسؤولون أنهم وصلوا إلى النهاية بالبلد عندما لن تبقى أموال يستفيدون منها على حساب الشعب والبلد”، معرباً عن “استياء عميق من الذين يعيقون تأليف الحكومة علماً أنّ البحث عن التشكيل يتطلب أيضاً الاتفاق على وضع برنامج لهذه الحكومة، مع خطة إصلاحات وهم غير قادرين على الاتفاق”، وختم متسائلاً: “من سيقبل من بينهم بخطة صندوق النقد الدولي الذي سينظر في كل الحسابات والمال”، معرباً عن “خيبة أمل كبرى خصوصاً وأنّ كل الدول باستثناء فرنسا غير مهتمة بمصير لبنان”.