سلمت سفيرة سويسرا مونيكا شموتز كيرغوز وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، قسم طب الأطفال في مستشفى بيروت الحكومي – الكرنتينا، بعد إعادة بنائه عقب انفجار مرفأ بيروت، بحضور نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان ومنسقة الشؤون الإنسانية نجاة رشدي ومديري الاقسام في المستشفى.
وقالت رشدي في كلمة إنّ “هذا اليوم هو يوم مهم لنا ولكل المواطنين في بيروت، إذ نبرهن فيه معا على أن الأمل لا يموت وعلى أن الإرادة عندما تكون صادقة لها المقدرة على نقل الجبال وأن التضامن ينقذ الحياة”.
وأضافت: “أنا سعيدة جدا بأن يشركني الاتحاد السويسري في هذا الحفل لافتتاح قسم الأطفال الذي أعيد تأهيله بفضل سخاء الشعب السويسري وتضامنه مع الشعب اللبناني. لقد زرت هذا المستشفى بعد 4 أيام من الانفجار المأسوي الذي ضرب مرفأ بيروت، وكان الوضع مأسويا لا يمكن وصفه ولا يحتمل بالنسبة إلى الجسم التمريضي والمرضى وعائلات الضحايا. في ثوان، فقد المستشفى قدرته على تقديم الرعاية بسبب الاضرار التي أصابته”.
ولفتت رشدي إلى أن “هذا المستشفى الحكومي يعالج سنويا نحو ألف طفل من الشريحة الاجتماعية والاقتصادية الأكثر هشاشة، من اللبنانيين واللاجئين من مختلف الجنسيات والنازحين”، وقالت: “اليوم، في وقت يجتاز فيه لبنان الأزمة الاقتصادية والمالية الأسوأ في تاريخه، فإن نورا يأتي ليضيء تردي الظروف الحياتية للبنانيين ويشكل أملا من أجل إعادة نهوض بيروت ومن أجل بناء لبنان أفضل واستعادة قدرات المؤسسات الطبية فيه”.
وحيت “عائلات الضحايا والمصابين، إضافة إلى جهود الجسم التمريضي المستمرة من أجل معالجة المرضى ومرافقتهم، بمن فيهم مرضى كورونا”.
كما شكرت “سويسرا لمساندتها المستمرة للبنان والشعب اللبناني واستجابتها الفورية وتقديمها مساعدة طارئة بعد الانفجار من خلال تأمين معدات موقتة للعلاج إلى عائلات في المستشفيات التي اصيبت، وأيضا من خلال تأهيل مدارس رسمية عدة متضررة وتأهيلها”، وقالت: “ما زال هناك الكثير يجب القيام به من أجل أن تتجاوز بيروت آثار الانفجار واستعادة سكانها تعافيهم من آثاره. ولذلك، سنستمر في وضع موضع التنفيذ إطار للاصلاحات والنهوص ولإعادة البناء، بالتعاون مع البنك الدولي والاتحاد الأوروبي، الذي تساهم فيه سويسرا بشكل كبير”.
وشددت رشدي على أن “الإصلاحات ضرورية جدا لإعادة النهوض والإعمار، اللذين يمكنان من تحديد وتقويم الاسباب العميقة للازمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والصحية المتعددة التي يواجهها لبنان”، مشيرة إلى أن “الأمم المتحدة، بدعم ومساندة البلدان المانحة، ومن بينها سويسرا، ستستمر في دعم لبنان ومواكبة إعادة إعمار بيروت ومساندة الشعب اللبناني للخروج من الأزمة وبناء مستقبل مستقر ومزدهر ومستدام”.
من جهتها، قالت سفيرة سويسرا:” عندما ضربت المأساة قلب العاصمة اللبنانية في 4 آب، كانت سويسرا امينة لتقاليدها الانسانية ولتاريخ صداقتها الطويل مع لبنان وتدخلت بسرعة. وانا استعيد زيارتي الى هذا المستشفى مع فريق الطوارىء الذي أرسلته سويسرا بعد ايام من الانفجار. وكانت مساعدتنا الانسانية في الاسابيع الاولى الى جانب المرضى والجسم الطبي في مستشفى الكرنتينا، لقد وضعنا سويا قسما للخدمات الموقتة بين الانقاض لمعاودة المعالجة في اسرع وقت ممكن. وبما اننا اطمأنينا الى استمرارية تقديم العلاج بدأنا باعادة البناء، ويسرني اليوم وبعد مرور ثمانية اشهر على الانفجار ان اسلم قسما جديدا لطب الاطفال الى معالي وزير الصحة”.
واشارت الى أنّ “ان سرعة ونوعية هذا الإنجاز هي ثمرة مشتركة لجهود اشخاص ومؤسسات يقف العديد منهم بيننا اليوم. فغداة الانفجار تجندت وزارة الصحة العامة للاستجابة بسرعة لعرض سويسرا بالمساعدة. ولعبت الامم المتحدة من ناحيتها دورا مركزيا في تنسيق التضامن الدولي بتأمين توزيع متناسق وعادل للمساعدات”.
وحيت فريق عمل المستشفى لصموده، وشكرت مجلس ادارته والجسم الطبي فيه لتعاونهم من اجل انشاء هذا القسم، واعلنت ان “سويسرا منخرطة منذ عدة سنوات في لبنان من اجل حماية وتقوية استقلالية الأشخاص الضعفاء الذين هم ضحية النزاعات، وان تأمين حصول الاولاد على خدمات نوعية في مجال التربية والحماية والمياه هي من اولوياتنا، ولذلك وكان الاطفال في قلب الاستجابة التي قدمتها سويسرا بعد الانفجار، وابعد من ذلك لقد قمنا بتأهيل نحو 19 مدرسة رسمية تم تدشينها في آذار الماضي”.
بدوره، قال حسن: “من أين أبدأ؟ أمن جرعة الأمل التي تحدثتا عنها الدكتورة نجاة رشدي وسعادة السفيرة، فهناك بصيص نور نراه، في ظل هذه التحديات الصعبة التي يمر فيها لبنان. نعم، لقد كانت الأفق مسدودة، لو لم يكن معنا شركاء دوليون وأمميون من منظمتي الصحة العالمية واليونيسف. لقد كانوا جميعا يتمتعون بهذا الحس الإنساني المتقدم ومستوى عال من المسؤولية والتجاوب لنقف بجانب الإنسان. إلى هؤلاء الاطفال الذين يعانون، خصوصا في هذه الاوقات الصعبة التي يمر بها لبنان نقول، يمكن بجهودكم أن يعود لبنان ليكون سويسرا الشرق، فهذا هو حجر المدماك الذي نطمح إليه”.
وتحدث عن “إنجاز فريق العمل”، مقدما “رسالة محبة صادقة إلى كل من يعاني من لبنانيين وسوريين وفلسطينيين أو من جنسيات مختلفة”، وقال: “بعد الانفجار المؤلم الكل يعاني”.
وأضاف حسن “لقد كان لبنان رائدا وجاهزا لاستقبال كل من لجأ إلى أرضه وإنعاشه ودعمه، لكننا أصبحنا للأسف في أمس الحاجة إلى من يدعمنا ويقف بجانبنا. واليوم، بفضل ديناميكية مجلس إدارة مستشفى الكرنتينا التاريخي وفعاليته ونظرا للعلاقات والثقة التي لديه من خلال التفاعل مع المؤسسات الدولية، استطعنا تأمين 3 مصادر دعم: الأول مع سعادة السفيرة السويسرية، الثاني سعادة سفيرة فرنسا لإعادة ترميم المبنى الجديد، الثالث المساعدات لاعادة بناء المبنى الاساسي”.
وتمنى أن “يتعمم هذا النموذج ليكون درسا لكل المنظمات غير الحكومية والجمعيات الرسمية والعالمية”، مؤكدا “ضرورة إعادة بناء ما تهدم في بيروت وترميمه لان المعاناة تضاعفت”، آملا في أن “يتجسد هذا النموذج الراقي والشفاف في هذا التعاون من أجل أن يشعر سكان المنطقة بالعيش الكريم في منازلهم”، وقال: “يجب أن تعلن نتائج التحقيق وأن ينال المقصر أو المرتكب جزاءه”.
وأكد حسن أنه “علينا التزام الإجراءات الوقائية لمواجهة كورونا، رغم تراجع نسبة الإصابات. ونريد أن يبقى هذا التراجع مستمرا ويزداد الإقبال على المنصة للتسجيل للقاح”.
وفي الختام، قدمت ادارة المستشفى درعا تكريمية إلى السفيرة السويسرية، وجال المجتمعون في الأقسام الجديدة لمستشفى الاطفال.