كتب رامح حمية في الأخبار:
ارتفاع أسعار قطع غيار السيارات زاد الى هموم اللبنانيين هماً، في بلد تعدّ السيارة فيه من ضروريات الحياة، بسبب الثقافة الاستهلاكية السائدة، أولاً، ولغياب خطة نقل وطنية ووسائل نقل عام تغني عن استخدام السيارات الخاصة.
عندما تساوي كلفة غيار الـ«كولييه» ثلث الراتب الشهري لموظف، وكلفة تغيير البطارية تعادل راتباً شهرياً، وكلفة تغيير المحرك أو الـ«فيتاس» توازي راتب ستة أشهر بالتمام، يصبح الخيار «الأسلم» ترك السيارة من دون تصليح… و«خلينا نسكّج، بلا سلامة عامة وبلا بطيخ»، على ما يقول عسكري كان يحاول جاهداً «كسر» السعر الذي طلبه الـ«ميكانيسيان».
«التسكيج» الذي يفتح الباب أمام مخاطر على سلامة السائق والآخرين يبدو خياراً يعتمده كثيرون؛ إذ يؤكد أحد معقّبي المعاملات لـ«الأخبار» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في نسبة عرض السيارات على المعاينة الميكانيكية ودفع المترتبات المالية من ميكانيك وتأمين إلزامي واختياري، إضافة الى «ارتفاع في عدد تحويل ملفات سيارات الى أنقاض للهروب من دفع الرسوم وإبقاء الآلية في السير».
ويؤكد أصحاب محال لتصليح السيارات، أيضاً، أن هناك تراجعاً كبيراً في عدد الزبائن، وأن بعضهم يحضُر للسؤال عن الأسعار ويغادر منة دون رجعة. يوضح علي الحاج حسن، وهو صاحب محل لتصليح السيارات، أن غلاء أسعار القطع «يدفع كثيرين إلى اللجوء الى قطع مستعملة «لتمشاية» الحال، علماً بأننا لم نرفع أسعار التصليح كثيراً، لأن بدنا نشتغل». ويلفت الى «فوضى تسعير»، فضلاً عن ارتفاع الأسعار، إذ إن «القطعة يختلف سعرها بين منطقة وأخرى، ما يدفع كثيرين الى الإحجام عن التصليح».
موسى حمية، صاحب محل لقطع الغيار المستعملة في رياق، يؤكد أنه «إذا استمر الوضع على هذا النحو، فسنقفل أبوابنا حتماً، مع غياب الزبائن وارتفاع المترتبات المالية من إيجارات وخدمات، فضلاً عن ارتفاع كلفة استيراد القطع وشحنها»، علماً بـ«أننا ندفع ثمن قطع الغيار المستوردة بالدولار، ومن الطبيعي بيعها بحسب سعر الصرف في السوق السوداء. ومع ذلك، أصبحت أرباحنا معدومة، بسبب التقلّب اليومي لسعر الصرف».
الارتفاع طال أيضاً أسعار الإطارات؛ إذ لا يقل سعر أي إطار لسيارة صغيرة عن 30 دولاراً، ما يدفع كثيرين الى تركيب إطارات مستعملة، معظمها غير صالح للسير. والأمر نفسه ينسحب على زيوت المحركات وبقية قطع الغيار.