جاء في المركزية:
وسط غابة الازمات التي يتخبّط فيها لبنان والتي تضرب كلّ شيء في الداخل، من عمل المؤسسات الدستورية، وصولا الى القطاعات الاقتصادية والمصرفية والتجارية كلّها، وآخرها الزراعة، مرورا بالقضاء وبعلاقات بيروت الخارجية، لا تزال مؤسسة واحدة صامدة، ومحط تقدير العالم وعواصمه الكبرى: الجيش اللبناني.
هو يعاني كثيرا إلا أنه لا يزال يقف على “رجليه”، بشقّ النفس، بعد ان اصابته في الصميم، المصيبةُ المالية التي ألمّت بلبنان، بحيث باتت رواتبه والخدمات التي يستفيد منها عناصرُه، مهدّدة، وقد تتقلّص بين ساعة واخرى. رغم ذلك، وعلى وقع حملات تخوين تارة، وتشهير تارة أخرى، تتعرّض لها المؤسسة وقيادتها، يرفعُ المجتمع الدولي القبّعة لأداء الجيش. وبحسب ما تقول مصادر سياسية لـ”المركزية”، يكفي إلقاء نظرة سريعة على “الشهادات” التي نالها في الايام القليلة الماضية فقط، ليتبيّن، مدى الرهان الخارجي على هذه المؤسسة، بعد ان انهارت كل مقومات الدولة في لبنان، على امل ان يكون هو، القبطان الذي يتولى ايصال السفينة اللبنانية المشلّعة اليوم، الى شاطئ الامان بأقل الاضرار، وحجرَ الزاوية الذي عليه سيتمّ انشاء هيكل لبنان الجديد، فيسهرَ على امنه واستقراره وضبط حدوده، كقوّة مسلّحة شرعية وحيدة، على الاراضي اللبنانية. أمس، قلّدت السفيرة الفرنسية لدى لبنان آن غريو، قائد القوات الجوية العميد الركن زياد هيكل ميدالية الاستحقاق الوطني الفرنسية تقديراً لجهوده في إطار التعاون القائم بين الجانبين اللبناني والفرنسي، وذلك في احتفال أقيم في قصر الصنوبر. وأتى هذا التكريم غداة اعلان العراق عن نيته ارسال مساعدات للجيش اللبناني.
الى المحطات هذه التي تدلّ بوضوح، الى الثقة بالجيش والى المكانة المميزة التي يحتلّها قيادة وعناصر، في نظر الخارج، تستثمر الدول الكبرى، بقوّة، وبلا تردد، في المؤسسة العسكرية. فقد أعلنت السفارة البريطانية في بيان الثلثاء أنه و”كجزء من مجموعة الدعم البريطانية التي تلت الهبة المؤلفة من 100 مركبة دورية مدرعة RWMIK في كانون الثاني الماضي، أكمل فريق متخصص من الجنود البريطانيين أول قسم من التدريب والتوجيه الذي دام أربعة أسابيع حضره ضباط وجنود من أفواج الحدود البرية الأربعة. وعلى مدى الأسابيع الأربعة الماضية، قام فريق بريطاني متخصص من فرقة “باثفايندرز” التابع للواء الهجوم الجوي السادس عشر في المملكة المتحدة بتدريب 48 ضابطا وجنديا من أفواج الحدود البرية الأربعة التابعة للجيش اللبناني. ويهدف التدريب إلى توفير المهارات اللازمة لتشغيل آليات من نوع RWMIK في الأراضي الوعرة عند الحدود اللبنانية – السورية، وتمكينها من الوصول بشكل فعال الى المناطق النائية عند الحدود واعتراض التهديدات الإرهابية والنشاطات غير القانونية. وهذه التدريبات جزء من سلسلة من المجموعات التدريبية التي تدل على التزام المملكة المتحدة الدائم دعم الجيش اللبناني في تأمين حدوده البرية. وقال رئيس بعثة السفارة البريطانية مارتن لنغدن “كنت مسرورا وفخورا برؤية مدى التقدم الذي تم إنجازه في هذا المجال، فالتعاون والشراكة بين الجيشين البريطاني واللبناني، دعما لقدرة الدولة في السيطرة على حدودها، هو جزء مهم من أمن لبنان وسيادته وازدهاره، سنواصل بذل كل ما في وسعنا لدعم ذلك”.
يمكن للبنانيين اذا، ان يرتاحوا الى ان لديهم “سندا” متينا يمكن ان يتّكئوا عليه في هذه الفترة العصيبة، أثبت جدارته ونزاهته ونظافته، بشهادة دولية خارجية لا غبار عليها، ويمكن لهم ان يطمئنّوا الى انه سيشكّل، يوما ما، العمود الفقري لبنيان “لبنان الجديد” الذي سيبصر النور بعد “الجهنّم” الحالي… هذا اذا كفّت المنظومة يدها عنه، وأوقفت محاولاتها الحثيثة لتدمير المؤسسة وتشتيتها، تختم المصادر.