كتب عمر البردان في “اللواء”:
رفع القرار السعودي القاضي بوقف دخول أو عبور كل أنواع الخضر والفواكه اللبنانية، بعد اكتشاف شحنة الرمان المخدر، من منسوب الاستياء الخليجي من ممارسات السلطات اللبنانية التي أضافت «مأثرة» جديدة تضاف إلى ما سبقها من «مآثر» أساءت إلى العلاقات اللبنانية الخليجية التي ما عرفت تراجعاً على مختلف المستويات، كما هو حالها اليوم، بعد إخفاقات العهد المتتالية في إصلاح هذه العلاقات، بالرغم من الفرص التي سنحت له، ما جعلها تزداد تعقيداً سنة بعد أخرى، دون أن تنجح الحكومات المتعاقبة في هذا العهد، من سلوك الطريق القويم الذي يعيد وصل ما انقطع مع دول مجلس التعاون، وتحديداً المملكة العربية السعودية التي كانت الداعم الأكبر للبنان، في السلم، كما في الحرب المشؤومة. وهذا ما فاقم الأمور وجعلها تصل إلى ذروة التردي في السنوات الأخيرة، بعدما تحول لبنان منصة لتهجم جماعات إيران على المملكة ودول خليجية، وأخيراً وليس آخراً، إلى تصدير المخدرات، إلى بلد يستضيف مئات الآلاف من اللبنانيين، ولم يقصر في دعم لبنان في كل المجالات.
وترسم في هذا الإطار أوساط معارضة لـ«اللواء»، «صورة بالغة التعقيد عن مستقبل العلاقات اللبنانية الخليجية، وتحديداً مع المملكة العربية السعودية التي ينقل عن قيادتها أنها مصدومة من ممارسات السلطة في لبنان، وكيف أنها تقف متفرجة أمام كل ما تتعرض له المملكة على أيدي حلفاء إيران في لبنان، إلى أن وصل الأمر إلى إرسال المخدرات إلى السعودية، دون أن تكلف الأجهزة الأمنية اللبنانية نفسها، في إخضاع شحنات الرمان للتفتيش والمراقبة، كما هو معمول به في كل دول العالم التي تحترم نفسها. وهذا الأمر من شأنه أن يدفع دولاً خليجية وغير خليجية، إلى التشدد في ما يتعلق بالصادرات اللبنانية على أنواعها، بسبب إمعان السلطة اللبنانية في تجاهل التحذيرات من مغبة استمرار «حزب الله» في تعريض مصالح لبنان للخطر، من خلال التدخل في شؤون الدول العربية، والعمل على زعزعة استقرارها».
وتشدد الأوساط على أن «لإيران دوراً أساسياً في كل ما يجري في لبنان، وتحديداً إزاء حملة «حزب الله» المستمرة على السعودية والإمارات والبحرين، في وقت لا يخفى على أحد سعي طهران لعزل دول المنطقة عن عمقها العربي وعلاقتها الدولية، وهو ما نجحت في تحقيقه في العراق أولاً، مستفيدين من الغزو الأميركي، إلا أن الانتفاضة العراقية ضد هذه الهيمنة، تبشر بالخير في مواجهة الأطماع الإيرانية، كذلك فإن الإيرانيين نجحوا في تقسيم سوريا، وتسليم قطعها إلى روسيا وأميركا وإسرائيل وتركيا وكردستان، وتحويل ما تبقى منها إلى مستعمرة إيرانية. فأين سوريا اليوم من قلب العروبة النابض الذي كان العرب يتباهون بها؟. كما نجحوا في إفلاس لبنان وتشويه سمعته وتدمير كيانه ومؤسساته. أما اليمن فحدث ولا حرج، فهم مستمرون في استعمال ميليشياته ضد وحدة اليمن، جنوباً وشمالاً، وضد وحدة الشعب اليمني وسلامته».
لإيران الدور الأساسي إزاء حملة «حزب الله» المستمرة على السعودية والإمارات والبحرين
وتخشى هذه الأوساط، من «ما يشبه الحصار الدولي على لبنان، إذا استمر تصدير الإرهاب والمخدرات إلى العالم، ولن يقتصر الأمر على منع دخول بعض المنتجات اللبنانية إلى السعودية، أو غيرها من الدول العربية، في ظل عجز فاضح يثير تساؤلات عديدة، من قبل الأجهزة اللبنانية عن مراقبة حدودها، في وقت يمعن حزب الله في تعريض المصالح اللبنانية لمزيد المخاطر التي ستزيد من حجم المأساة التي يتعرض لها اللبنانيون، في وقت تقف الخلافات الداخلية عائقاً أمام ولادة الحكومة منذ أكثر من ستة أشهر»، مشيرة إلى أنه «لو كانت هناك ذرة من الحكمة لدى المسؤولين، لكانت تشكلت الحكومة منذ وقت طويل، لكن ما في النوايا يبدو مغايراً لكل ما يخدم مصلحة الشعب اللبناني، رغم كل المبادرات الطيبة التي وردت من الأشقاء العرب، أو من الأصدقاء الأوروبيين، داعية إلى «الفصل بين مصلحة لبنان، ومصلحة المحاور التي تتربص به، وخصوصاً محور الممانعة الذي تقوده إيران».
وتعرب الأوساط عن اعتقادها أن «روسيا تستفيد من الوقت الضائع، بعد أن قبضت على جزء من سوريا، وتنظر إلى الموضوع اللبناني، كجزء من لعبة الشطرنج الكبيرة التي تخوضها أربعة مكونات كبرى، هي واشنطن، موسكو، بكين والاتحاد الأوروبي، ما يعني أن الملف المحلي هو تفصيل، وبالتالي ليس متوقعاً أن يقود الحراك الروسي الجاري إلى التعجيل في تشكيل الحكومة».