في موقف نافر يصعب هضمه، خاصة وانه تزامن مع كلام كان يطلقه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امس عن استمراره في العمل لكشف مصير المخفيين والمعتقلين قسرا علما ان معظمُ هؤلاء مفقودون في اقبية نظام الاسد منذ عقود… رأى رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ان تثبيت بشار الاسد في موقعه في الاسابيع المقبلة، سيفيد لبنان ويريحه. لماذا؟ لان هذا المُعطى سيسرّع وتيرة عودة النازحين السوريين من لبنان الى بلادهم.
هذا الكلام يثير بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية، اكثر من علامة استفهام وتعجب.
ذلك ان الاسد نفسه متربّع على عرش السلطة السورية منذ سنوات، كان باسيل خلال عدد لا بأس به منها، وزيرا للخارجية، بالمباشر او عبر مختارين سمّاهم العهد.. فماذا كانت النتيجة على صعيد العودة؟ عاد المئات وبقي مئات الآلاف بينما بعبدا وميرنا الشالوحي لم توفرا مناسبة دبلوماسبة دولية واممية، لرفع الصوت والمطالبة بعودة هؤلاء لانهم كسروا ظهر لبنان اقتصاديا ومعيشيا وانمائيا وحتى ديموغرافيا.
وبين الفينة والاخرى ومنذ اسابيع قليلة مثلا، كان الوزراء المقربون من ٨ آذار والعهد، يحجّون الى دمشق للبحث في خطط للعودة الموعودة. ومجددا بقيت كل هذه الاوراق بلا تنفيذ!
هذا الواقع يثبت بالدليل القاطع ان وجود الاسد ليس الحل، بل انه المشكلة، فهو في الاساس خلف هجرة السوريين، وهو اليوم بعد ان عدّل في التوزيع الدموغرافي للمناطق، فأدخل الشيعة والعلويين الى المناطق التي كان يسكنها سنّة معارضون، كحال القصير مثلا، وبعد ان حرق سجلات هؤلاء الشخصية والعقارية، يختار اليوم العائدين ويريدهم من داعمي نظامه. اما المعارضون فإما يتم توقيفهم او تُرفض اوراقهم.
فعلى ماذا بنى باسيل قراءته واستنتاجه العجيبَين؟
هل حصل مثلا على ضمانات من الروس بأن الاسد، كي يُعاد انتخابه، سيتحوّل “حَمَلا” يقبل بشروط موسكو كلها وعلى رأسها فك ارتباطه بايران ووقف التنكيل بمعارضيه؟ او هل تم ابلاغه ان ثمة قرارا دوليا كبيرا اتخذ يقضي باطلاق قطارالعودة بعد ان كانت المبادرة الروسية على هذا الخط، فشلت في نيل اجماع دولي؟
لا جواب واضحا بعد ، تضيف المصادر، لكن الاكيد ان باسيل يتوخى من مغازلته الاسد- وقد فعل ذلك منذ اسابيع قليلة ايضا حين استشهد بإبلاغه إياه ان الوجود المسيحي في لبنان حاجة ضرورية- يتوخى تسويق مشروع حلف الاقليات الذي يرفعه العهد، لدى موسكو محاولا اقناعها ان مسيحيي الشرق لن يكونوا بخير ان لم يتعانقوا مع اقلياته الاخرى ومنهم العلويون. وآخر افكار هذا المشروع “النيّرة”السوقُ المشرقية، تتابع المصادر.
لكن اللعب على الوتر الطائفي لن يسعف العهد في تعويم نفسه،والافضل له ايجاد حلول للازمة السياسية المالية القائمة، انطلاقا من حسابات وطنية علمية دولية، لا فئوية، تختم المصادر.