كتب عمر البردان في “اللواء”:
لا يعني سماح المملكة العربية السعودية للبضائع اللبنانية العالقة في ميناء جدة، بدخول أراضيها مجدداً، بعد منعها إثر اكتشاف فضيحة الرمان المفخخ، أن الأمور عادت إلى طبيعتها، وكأن شيئاً لم يكن. وإنما يمكن اعتبار ما حصل بأنه جرس إنذار لا بد من التعامل معه بأقصى درجات الاهتمام من جانب المسؤولين اللبنانيين، باعتبار أن مصلحة لبنان تقتضي إعادة ربط الجسور مع المملكة وبقية دول مجلس التعاون الخليجي، وتالياً إلى اتخاذ كل ما يلزم من إجراءات لتشديد المراقبة على المعابر الحدودية وتزويدها بأجهزة «سكانر»، من أجل طمأنة دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى كل الدول التي تستقبل المنتجات اللبنانية، لأن التساهل في هذا الملف سيترك تداعيات بالغة الخطورة على لبنان ومصالحه، بعدما أكدت المملكة على لسان سفيرها في لبنان وليد بخاري، أنها لن تتهاون إزاء تعريض أمنها للخطر. وهذا يفرض على لبنان أن يولي هذا الجانب أهمية كبيرة، بالنظر إلى حساسية السعودية وكل الدول الخليجية من الاعتبارات الأمنية التي تتقدم سواها.
وقد ظهر بوضوح، استناداً إلى المعطيات المتوافرة، أن هناك تقصيراً أمنياً مثيراً للتساؤلات في مواجهة عصابات التهريب اللبنانية السورية التي يبدو بوضوح أنها لا زالت تسرح وتمرح، دون أن تحرك الأجهزة العسكرية والأمنية ساكناً، سواء على المعابر البرية أو البحرية أو الجوية، وهذا يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، بأن لبنان بات مرتعاً لكل أنواع الفساد والإفساد، وللخارجين عن القانون والنظام، بحماية قوى الأمر الواقع التي تمسك بالقرار الداخلي، وبفرض سيطرتها وهيمنتها على مرافق الدولة ومرافئها، ما يفرض العمل وبسرعة على صون علاقات لبنان الخارجية، والمحافظة على مصالحه، بتشديد المراقبة على المعابر، كي لا تبقى فالتة وسائبة.
وتشدد مصادر سياسية معارضة، على أنه «من حق السعودية أن تتخذ كل الإجراءات لحماية أمنها الوطني، وعلى لبنان أن يستجيب لكل المطالب السعودية المتصلة بالشأن الأمني. إذ أن ما تطالب به السعودية يجب أن يكون مطلباً لبنانياً، قبل أن يكون مطلباً سعودياً. فالمملكة وغيرها من دول مجلس التعاون، قد واجهت محاولات سابقة قامت بها أطراف لبنانية، عملت على استهداف أمنها، من خلال تهريب الأسلحة والمخدرات، والعمل على زعزعة استقرار هذه الدول، ما يفرض اتخاذ تدابير حاسمة وحازمة من جانب السلطات اللبنانية، لإغلاق كل الأبواب التي تشكل مصدر إزعاج للدول الخليجية».
ولم تستبعد المصادر إذا استمر الفلتان سائداً في لبنان، أن «تحذو دول خليجية وغير خليجية حذو السعودية، خاصة إذا كانت تعتبر نفسها متضررة من تهريب الإرهابيين والمخدرات من لبنان إلى أراضيها. وهذا يفرض على لبنان ترجمة كلام رئيس الجمهورية ميشال عون الذي أكد حرص لبنان على أمن وسيادة المملكة، في موازاة العمل على إجراء التحقيقات الضرورة لكشف ملابسات تهريب الرمان المخدر، وتوقيف جميع المتورطين، من لبنانيين وسوريين».
وقد سألت المصادر عن «أسباب عدم ذكر بيان اجتماع بعبدا الأخير، للجهات السورية المتورطة في هذه الفضيحة، ولماذا التعتيم دائماً عن كل تورط سوري في أي ملف من الملفات؟».
وتشدد، على أن «الأولوية في أجندة الحكومة المقبلة التي طال انتظارها، في اتخاذ كل ما من شأنه لطمأنه الدول الخليجية، ودفعها إلى تغيير سياستها تجاه لبنان الذي لا يمكن أن ينهض ويقف على قدميه، دون الدعم الخليجي، وتحديداً من جانب السعودية التي أنقذته أكثر من مرة من الانهيارات التي كانت تتهدده في العقود الماضية».