كتب أسامة القادري في نداء الوطن:
عادت من جديد “حكاية” تلوث نهر الليطاني من دون ان توجِد هذه السلطة سبيلاً للمعالجة، رغم ان البنك الدولي رصد، لتنظيفه ورفع “المجارير” عنه، كامل الكلفة المقدرة بـ800 مليون دولار، لتستمر انعكاسات التلوث على كل شيء حي مهددة الحياة في البحيرة، بعدما تفاقمت ارتداداته السامة بنفوق أكثر من 40 طنّاً من أسماك الكارب (Cyprinus Carpio Carpio) دون سواه من الأسماك الاخرى.
ولأن الوضع متأزم ما زالت الفرق التابعة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني بالتعاون مع المجتمع المحلي والجمعيات البيئية تواصل لليوم الثالث على التوالي، عملية رفع الأسماك النافقة عن ضفاف بحيرة القرعون، وذلك لمنع استهلاكها بشرياً بعدما ثبت ان اكثر من 15 شخصاً، لبنانيين وسوريين، عمدوا على جمع الاسماك النافقة عند شاطئ البحيرة، واعادة بيعها بأسعار مشجعة في هذا الوضع الاقتصادي الرديء. فتم توقيفهم بناء لإشارة النيابة العامة الاستئنافية في البقاع، على اعتبار أنها تهدد صحة الإنسان وحياة باقي الكائنات الموجودة في المياه.
وتشير الفحوصات والتشريحات التي اجريت على السمك النافق والحي أنها أصيبت بنزيف داخلي كبير نتيجة الإصابة بفيروس فتاك، ينتقل الى المسطحات المائية وغير قابلة للاستهلاك البشري. وفي هذا الإطار عممت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني صور عملية تشريح الاسماك النافقة في بحيرة القرعون، حيث تظهر المشاهد والصور وجود تقرحات وتلف في الأعضاء الداخلية ونزيف داخلي في الاحشاء.
استنفار المصلحة الوطنية لنهر الليطاني لم يكن فقط بحضور اجرائي، ايضاً لم توفر جهة او وزارة او ادارة معنية الا وقدمت لها كتاباً، بما فيها منظمة الفاو FAO وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، حيث طلبت من كل منها إتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة كارثة الوباء الفتاك الذي ضرب الحياة في بحيرة القرعون.
مصدر أمني أكد لـ”نداء الوطن” أنه عُمم عليهم توقيف كل من يقوم بصيد الاسماك في البحيرة، او اي شخص يشتبه فيه انه يبيع سمك الكارب. وقال: “حتى اللحظة تمّ توقيف 15 شخصاً، سوريين ولبنانيين، عمدوا على جمع الاسماك النافقة عند ضفة البحيرة وباعوها بأسعار متدنية استغلالاً للواقع المعيشي الصعب”.
أوضح المدير العام لمصلحة الليطاني سامي علوية لـ”نداء الوطن” ان الكارثة كبيرة، “حتى الآن جمعنا 40 طناً من الاسماك النافقة، وهي من نوع الكارب تم التقاطها من ضفاف البحيرة، استحدثنا حفرة لوضعها فيها الى حين ايجاد الطريقة المناسبة للتخلص منها”، وأضاف جازماً ان سبب نفوق هذه الاسماك هو التلوث، ليضيف انه طلب تكليف فريق مختص من الخبراء التابعين لمعهد علوم البحار للكشف على بحيرة القرعون لمعاينة الاسماك، ولأخذ العينات اللازمة من المياه ومن أنسجة الحية منها والنافقة في البحيرة، لتكوين التصور العلمي والفني المناسب لمعالجة هذه الظاهرة، وكيفية الحد منها ومنع انتقالها الى المسطحات المائية الأخرى، وقال: “شددنا على تنفيذ الإجراءات اللازمة لمنع النازحين السوريين من استهلاكها وتداول وبيعها، ومخابرة الأجهزة الأمنية عن وجود أنشطة تتعلق ببيع هذه الأسماك في بعض مخيمات النازحين في القرعون وجوارها”.
واستعرض علوية مشكلة المختبرات في لبنان، فقال: “للاسف ليس لدينا في لبنان مختبرات للترصد الوبائي الذي يصيب الاسماك، اسوة بالسعودية وبسوريا وغيرها من الدول العربية، نقوم بما تيسر وهذا غير كافٍ، لأن لا يوجد مختبر كامل في لبنان”، وتابع: “أطلقنا في 23 نيسان، حملة مكافحة الصيد في البحيرة، لعدم انتقال الضرر الى الانسان، نتيجة ارتفاع نسبة التلوث فيها، وتحسباً من انتقاله الى المواطن عبر تناوله الاسماك”، وتمنى ان تخرج مشاريع تنظيف الليطاني من البازار السياسي والمحاصصات والسمسرات لأن التلوث مستمر بسبب مشاريع نفذتها الدولة اللبنانية ومجلس الانماء والاعمار والبلديات، بعقلية التلزيمات والمحاصصات وتحويل ما يقارب 60 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي الى نهر الليطاني، ومنه الى بحيرة القرعون. هذا ما أوصل البحيرة الى واقع كارثي، رغم ما تمّ صرفه من مليارات الدولارات من قبل وزارة الطاقة والمياه ومجلس الانماء والاعمار، لإنشاء محطات لتكرير مياه الصرف الصحي من دون ان تجد طريقها للعمل.
وختم علوية بدعوته القوى الأمنية لمنع اللبنانيين والنازحين السوريين من التقاط هذه الاسماك لغرض استهلاكها وبيعها.