أمل بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي في عظته لمناسبة إثنين الباعوث، والتي ألقاها ممثل عنه في الكاتدرائية المريمية بدمشق نظرا لتواجده في أبرشية حلب، أن “يكون هذا العيد فرصة للمسؤولين اللبنانيين للعمل من أجل قيامة لبنان من واقعه المرير”.
وأضاف: “صلاتنا من أجل لبنان واستقراره ونموه. ودعوتنا أن يضع الله في قلوب المسؤولين جميعا الحس بالمسؤولية تجاه المواطن اللبناني الذي أصبح مستهدفا في لقمة العيش وأبسط مقومات الحياة الكريمة. دعوتنا إلى التعالي عن الأنانيات والمصالح الضيقة وتشكيل الحكومة اللبنانية بأسرع وقت وإلى إزالة سائر العراقيل التي تقف في طريق تشكيلها وإلى الانصراف للاهتمام بشؤون الناس الذين تزداد مآسيهم يوما بعد يوم. من حق كل لبناني أن يعرف أين ضاع المال العام، وكيف نهبت ثروات الوطن، ومن المسؤول عن التفجير الذي هدم العاصمة بيروت. ومن حقه أيضا أن يحيا في بلد يحضنه ويحترم أتعابه، فلا يصبح جل اهتمامه الحصول على فيزا للسفر إلى بلدان تكافئ أتعابه وتحترم إنسانيته. لقد سئمنا لغة الحروب والمتاريس وتقاذف المسؤوليات وتبرير الهدر والسرقات والزبائنيات في بلد أريد له أن يكون، البلد الرسالة. فلتكن رسالة لبنان كما شاءها خالقه رسالة السلام والطمأنينة والنمو والازدهار لا الصراع والمواجهة وتقاذف المسؤوليات بين المكونات والأطياف. فليكن هذا العيد فرصة للعمل من أجل قيامة لبنان من هذا الواقع المرير الذي وصل إليه. فليكن فرصة للمسؤولين لكي يدحرجوا حجر الأنانيات والمصالح والكيديات عن القبر الذي وضعوا فيه هذا البلد. فليكن فرصة للجميع لكي يتساءلوا أين وضعوا القيم والمبادئ التي قام عليها لبنان. فليكن فرصة للتوثب نحو غد أفضل ولإعلان قيامة هذا البلد واستعادة دوره في هذا الشرق وفي العالم”.
وأردف: “نصلي اليوم من أجل سوريا التي قاست وتقاسي إلى الآن آثار الحرب والدمار والتي دفعت وتدفع من دم قلوب أبنائها ومن سني حياتهم ضريبة المصالح الدولية تشريدا وعنفا وإرهابا وهجرة وتهجيرا وغلاء معيشة وأزمة عامة تستهدف أولا وأخيرا كرامة شعب له حقه المقدس بالحياة. نصلي من أجلها وهي الواحدة الموحدة مهما أقصيت عن محافل ومهما اعتدي على أرضها ولها الحق في رد العدوان من أيٍ كان. نصلي من أجل العين الساهرة على حدودها وعلى كرامتها. وندعو مجددا إلى رفع هذا الحصار الاقتصادي الآثم الذي يستهدف أولا وأخيرا حياة وكرامة شعبها. لقد قاسى السوريون مرارة الحرب والإرهاب والخطف والحصار والاستهداف الخارجي ودفعوا من فلذات أكبادهم ليبقى الوطن ويبقوا فيه حرا سيدا مستقلا. من حق السوري أن يحن إلى أيام ماضية نعمت فيها البلاد بالاستقرار والطمأنينة. نقول كل هذا، وعلى قلوب السوريين جميعا يجثم هذا الحصار الاقتصادي الذي تظهر آثاره في كل شيء وتطال أولا وأخيرا المواطن المستهدف في لقمة العيش. وكمسيحيين أصلاء في هذا النسيج السوري تجرعنا كما غيرنا كأس التجربة المرة لنبقى هنا في هذه الأرض ونقرع أجراسنا وقت نشاء”.
وختم: “صلاتنا من أجل هذا الشرق بكل بلدانه الأصيلة وبكل أطيافه التي شاءها الله مزروعة في قلبه. صلاتنا من أجل المخطوفين ومنهم أخوانا مطرانا حلب يوحنا إبراهيم وبولس يازجي المخطوفان منذ أكثر من ثمانية أعوام، والذي يمثل خطفهما جرحا إنسانيا مشرقيا مسيحيا يتعدى حدود أبرشيتهما حلب الجريحة ليستصرخ ضمير الإنسانية جمعاء. صلاتنا من أجل سلام العالم أجمع ومن أجل أن يرفع الله عن البشرية جمعاء ثقل الوباء الحاضر ويشمل نفوس من قضوا بمراحمه الإلهية. صلاتنا أن تكون يده تعالى مع الطواقم الطبية والخدمية لتخفيف ألم ومحنة كل من في ضيق. وبالتحية الفصحية وبالبركة الرسولية من عرش الرسولين بطرس وبولس، نتوجه إلى سائر أبنائنا في الوطن وفي بلاد الانتشار. نسأل لكم أحبتي كل خير وبركة. كان الله معكم حافظا ومعينا مباركا أطفالكم وأبناءكم ومقدسا حياتكم وشاملا إياها بسلامه القدوس”.