بعد ان حلّت “المصيبة” وأصدرت السعودية قرارها بوقف استيراد المنتجات الزراعية اللبنانية اثر استخدامها من قبل البعض، لنقل المخدّرات الى المملكة، استفاقت الدولة فجأة من سباتها الذي استمرّ سنوات، تخلّت فيها عن سيادتها على اراضيها وحدودها وشرّعتها على تهريب الممنوعات والبضائع والسلع المدعومة والسلاح والمسلّحين، وتحرّكت “على الارض” لكن بعد خراب البصرة، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”.
امس، جال وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي على نقاط العبور الحدودية والخط الممتد من الشمال الى البقاع لتفقد المعابر، ومعاينة النقاط التي تستخدم للتهريب في هاتين المنطقتين. بدأ فهمي جولته الشمالية على متن طوافة عسكرية حطت في مركز قيادة الفوج الحدودي الاول التابع للجيش في بلدة شدرا قضاء عكار، واستمع إلى شرح مفصل من قائد الفوج العقيد ميلاد صليبا عن الوضع العسكري وأوضاع نقاط العبور الشرعية والمسالك غير الشرعية عند الحدود اللبنانية – السورية التي تحصل فيها عمليات تهريب في المنطقة. واجتمع مع قيادة الفوج، مثنيا على “دور الجيش في حفظ الامن بالمنطقة”، متمنيا لقيادة الفوج التوفيق في مهماتها المنبثقة من القسم العسكري بالانضباط وحماية المواطنين للحفاظ على سيادة لبنان وحفظ امنه واستقراره. ونوه بـ “تعاون الجيش مع الاجهزة الامنية لضبط الحدود، وإعادة بث ثقافة أضرار التهريب، وهنا تأتي مسؤولية الدولة بتنشيط الاقتصاد في كل المناطق وخصوصا الحدودية منها، لان التهريب مشكلة مزمنة يعود تاريخها الى ما قبل العام 1975”. ثم زار فهمي مع ضباط الفوج برج المراقبة عند الحدود اللبنانية السورية في شدرا للاستطلاع عن قرب واقع المنطقة. بعدها، انتقل بطوافة عسكرية الى منطقة البقاع لتفقد المعابر ومعاينة الاماكن التي تنشط فيها عمليات التهريب، واختتمت الجولة بتفقد برج المراقبة التابع للجيش في منطقة المصطبة في جرود القاع – الهرمل.
قبل ذلك بأيام، وتحديدا الخميس الماضي، كان فهمي تفقد منطقة الشحن في مطار بيروت الدولي واطلع على الإجراءات المعتمدة من قبل الاجهزة المعنية للشحنات التي تدخل وتخرج عبر المطار.
بحسب المصادر “فان هذه الاستفاقة جيدة، وأن تأتي متأخرة خير من الا تأتي أبدا. فالتهريب على انواعه كسر ظهر الدولة اقتصاديا وماليا ومعيشيا، كما عكّر علاقات لبنان بمحيطه العربي بعد ان تغاضت المنظومة عن تصدير المسلحين الى الميادين العربية للقتال فيها وتأليب بعض المجموعات على الانظمة السياسية العربية والخليجية. والنداءات التي أطلقت على مر السنين الماضية، للتصدي لهذا الواقع الميداني، عبر إصدار قرار سياسي واضح مبرم بإقفال الحدود بإحكام، ولتصويب “العطب” الذي اصاب موقع لبنان الاستراتيجي من خلال اعتماد النأي بالنفس وتبني الحياد الايجابي – وهو ما لا ينفك ينادي به البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وقد جدد دعوته هذه امس- هذه المناشدات لا تعدّ ولا تحصى، واتت من قيادات محلية ودولية ايضا، لكن أهل الحكم صموا آذانهم عنها، الى ان وصلت الامور الى ما وصلت اليه اليوم، من عزلة للبنان اقتصاديا وسياسيا بدأت مع السعودية وهي مرشّحة لان تتوسّع اكثر، اذا لم تحسن الدولة التصرف”.
الحركة التي يضطلع بها فهمي مرّحب بها، تضيف المصادر، لكنها بالطبع غير كافية لارضاء المملكة والعرب. فالمطلوب أوّلا كشفُ حقيقة شحنة الرمان ومَن يقف وراءها من افراد وجماعات، بالاسماء والتفاصيل، ومحاسبتهُم، على ان تُستتبع هذه العملية بضبط محكم للحدود اللبنانية من قِبل اجهزة الدولة الشرعية، لكن الاهم يبقى في أن تتحرّر الاخيرة من سيطرة القوى غير الشرعية التي تفرض “مربّعاتها” ومخططاتها ومشاريعها وسياساتها، على لبنان، حتى ولو استدعى بعضها نقل الممنوعات والصواريخ الى الاشقاء والجيران. ومن دون هذه الاجراءات كلّها الامنية الميدانية والسياسية – الاستراتيجية، عبثا يحاول لبنان الرسمي استرجاع ثقة العرب ودعمهم، تختم المصادر.