ترصد العيون السياسية، المحلية والاقليمية والدولية، مفاوضاتِ فيينا النووية بدقّة، وتُراقب تطوّرَها من كثب، “أوّلا بأوّل”. فالمحادثات الجارية لإحياء الاتفاق النووي وعودة الولايات المتحدة اليه مجددا بعد ان كان الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب انسحب من التفاهم، في حال حقّقت هدفها ام لم تحقّقه، ستترك بصماتٍ واضحة، في مشهدِ المنطقة والعالم وفي ملفاتهما، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”.
في الساعات الماضية، برز موقف ايراني متقدّم تحدّث عن تقدّم في المفاوضات، يدل إما الى استعجال طهران الاتفاق، او الى محاولة الفريق المفاوض في النمسا اليوم، استخدامَ الملف في المعركة الرئاسية الايرانية التي باتت على الابواب، وتسييله في حسابات التيار الاصلاحي غير المتشدد على اساس انه يقترب من فكّ العزلة عن ايران ومن رفع العقوبات عنها.
ففي تصريح لتلفزيون “إذاعة الجمهورية الإسلامية الإيرانية” الرسمي قال رئيس الوفد الإيراني المفاوض في فيينا مساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، امس في ختام جولة محادثات في فيينا “جرت هذه المفاوضات على مستويات وأشكال مختلفة، والآن وصلت القضايا إلى مرحلة النضج، سواء في القضايا المتنازع عليها أو في الأقسام التي نتشاركها ونتفق عليها”. وتابع عراقجي “لقد نضجت المناقشات وأصبحت أكثر وضوحا”. وبشأن العقوبات قال “العقوبات…على قطاع الطاقة الإيراني الذي يشمل النفط والغاز، أو تلك (العقوبات المفروضة) على صناعة السيارات والقطاع المالي والمصارف والموانئ، ينبغي رفعها كلها بناء على ما تم الاتفاق عليه حتى الآن”.
وفي وقت أعلنت الخارجية الإيرانية أنه “تقرر عقب هذا الاجتماع أن تعود الوفود المشاركة إلى بلدانها قبل استئناف المحادثات (في فيينا)، ابتداء من الجمعة المقبل”، قال المتحدث باسم الوزارة سعيد خطيب زاده، اليوم الاثنين، إن مفاوضات فيينا توصلت لصياغة مسودتين حتى الآن، وإن الأمر في هذه المرحلة يتطلب دقة عالية.
الاجواء الايرانية الايجابية هذه، نفاها الاميركيون سريعا. فقد قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان أمس، إن واشنطن لم تتوصل إلى اتفاق في فيينا بعد، وإن هناك مسافة يجب قطعها لتجاوز العقبات. وأضاف سوليفان أن الدبلوماسيين سيواصلون العمل خلال الأسابيع المقبلة للعودة المتبادلة للاتفاق وإحراز تقدم.
المفاوضات تتقدم اذا، الا انّ ايّ حسم لن يحصل قريبا او بالسرعة التي يحاول الايرانيون تظهيرَها امام “شعبهم” عشية الانتخابات. وقد اشار المبعوث الروسي ميخائيل أوليانوف الى ان المحادثات تسير في الاتجاه الصحيح، لكنه يستبعد انفراجة حاليا. وفي الانتظار، ستبقى الدول كلّها التي لإيران نفوذ فيها، من اليمن الى سوريا مرورا بلبنان والعراق، في حال مراوحة، تُستخدَم أوضاعُها الامنية والعسكرية والسياسية، كأوراق تفاوض على الطاولة الاميركية – الايرانية في فيينا، تختم المصادر.