أعلنت جمعية مصارف لبنان في بيان لها اثر اجتماع مجلس إدارتها، “احترامها الدائم للقضاء والتزامها المطلق بالقانون وأحكامه، خصوصا وأن الخروج عن هذه “الثابتة” يضع المصارف في دائرة الإستهداف القانوني، الدولي كما المحلي، ويعرض وجود المؤسسات المصرفية وسلامة عملها للخطر. إلا أن بعض القرارات القضائية الصادرة أخيرا، حملت في مضامينها بعض الشوائب التي من شأن تسليط الضوء عليها وتعميمها أن تلحق أفدح الأضرار والمخاطر على ما يمثله هذا القطاع اجتماعيا واقتصاديا، مع ما قد يتسبب به ذلك من مضاعفات سلبية، ليس على هذا القطاع فحسب إنما على الإقتصاد اللبناني ككل، واستطرادا على الشعب اللبناني والمصلحة الوطنية العليا”.
ولفتت الى أنه “غني عن البيان، أن مطالب الناس حق وحقوق المودعين مقدسة. أما أن تتعرض القيادات المصرفية، في معرض المطالبة بالحق المشار إليه، لحملات منظمة من التجني والتشهير، وأن يتم اتهامها جزافا بممارسات مرفوضة ومدانة، محليا ودوليا، كمثل تهريب المال وتبييضه، فمن شأن ذلك أن يشوه سمعة لبنان ونظامه المصرفي وأن يحرمه لفترة غير محددة من أي تواصل مع الأسواق والأوساط المالية الدولية ويجعل تعافيه واستعادة الثقة به بعيدي المنال. فأي فائدة تجنى من شن حملة شعواء على النظام المصرفي اللبناني برمته، خصوصا وأن أي خطة للنهوض بلبنان من محنته الراهنة لا بد من أن تمر حكما عبر هذا النظام؟”.
وأشار البيان الى أن “جمعية المصارف الحريصة على حقوق الناس وتتفهم مطالبتهم بودائعهم وقلقهم على مصيرها، تعي بأن المخرج الوحيد من المأزق الحالي يكمن في تصحيح الخلل الفادح الذي تعانيه الحياة السياسية منذ مدة غير قصيرة، عبر إعادة تفعيل السلطات كافة. فالسلطة التنفيذية شبه مشلولة، والسلطة التشريعية تعمل بأقل من طاقتها والسلطة القضائية قلقة من شغور داهم قد يعطل عملها وتنشد إنجاز مشروع استقلاليتها باعتباره العلاج الأنجع لشوائب أدائها”.
وأوضحت الجمعية أن “الكل يدرك، في الداخل والخارج، أن تشكيل حكومة جديدة موثوقة وذات كفاءة وصدقية هو الخطوة الأولى والأساسية على طريق النهوض، وهي خطوة لا غنى عنها للشروع في وضع خطة إنقاذ إقتصادي تشترك فيها كل القطاعات، وفي مقدمها القطاع المصرفي، ولمباشرة التفاوض مع صندوق النقد الدولي ومع حاملي السندات السيادية، ولإطلاق جملة من الإصلاحات الحيوية التي طال انتظارها. عندها، وعندها فقط سيكون بالإمكان البدء عمليا، وتدريجيا، بإعادة ما للناس للناس، وهم أهلنا ودعامتنا وعنصر استقرارنا ونجاحنا وصمودنا على امتداد أكثر من ثلاثين سنة”.
وذكرت أن “مصارف لبنان عملت بجد ثابت وجهد دؤوب حتى تمكنت من انتزاع اعتراف دولي بجودة عملها، فأشادت منظمة “غافي” (GAFI) بجديتها في الإلتزام بكل المعايير والإجراءات المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. فكيف يعقل أن تصبح المصارف اللبنانية بين ليلة وضحاها، وبقرارات داخلية فجائية، مخالفة لقواعد العمل المصرفي السليم ولمعايير مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب؟ وأين الموضوعية في تحميل المصارف، والمصارف وحدها دون سواها، مسؤولية ما استجد على الساحتين الداخلية والإقليمية من تطورات سياسية واقتصادية؟”.
ورأت أن “اتهام المصارف بهذه الجرائم ينطوي على تجاهل واضح لما تسببت به الأزمة السياسية المتمادية في البلاد والسياسة الإقتصادية العامة من خسائر جسيمة، وما ألحقته من ضرر بنيوي انعكس سلبا على الودائع، التي ستبقى حقا لأصحابها مهما طال الزمن. وليعلم أهل السلك القضائي والمواطنون جميعا أن الإستمرار في توجيه مثل هذه الإتهامات من شأنه أن يقضي على علاقة المصارف اللبنانية مع المصارف المراسلة، وهو أمر حيوي ما زلنا نجهد للحفاظ عليه لأنه، إذا حصل لا سمح الله، فسيكون بمثابة الضربة القاضية على لبنان المقيم والمنتشر، خصوصا وأن للمصارف اللبنانية حضورا في أكثر من 30 دولة، في خدمة الإنتشار، الذي هو مصدر السيولة الخارجية المتوافرة راهنا، والمطلوب إعادة تدفقها مستقبلا، ما يستوجب أخذ ذلك في الإعتبار عند إصدار أي قرار، والتبصر الحكيم في احتساب انعكاساته المحلية والدولية”.
وإذ جددت الجمعية “الإعراب عن احترامها الكامل للسلطة القضائية وفق الأصول المحددة في القانون مع احترام موجب التحفظ والإبتعاد عن التسييس”، ناشدت “أركان الجسم القضائي الكريم التحوط لكل ما سبق بيانه، كي تأتي النتائج على قدر التوقعات والطموحات، فالتعرض الدائم للمصارف والمصرفيين ليس السبيل الأجدى للحصول على الودائع التي نكرر التأكيد أنها محفوظة وموثقة، ذمة على الدولة وعلى المصرف المركزي، ولا خلاف على قانونية توظيفها ومشروعيته”.