Site icon IMLebanon

غادة عون والراهبة أغنيس: داتا “مكتّف” بيد النظام السوري؟

كان قد هدأ ملف القاضية غادة عون وشركة مكتّف لتحويل الأموال، بانتظار ما ستؤول إليه أمور التحقيق والتدقيق في الداتا، التي تمّت مصادرتها من الشركة. لكن الحديث عن تجاوزات إضافية قامت بها القاضية عون -عدا تجاوز قرار كفّ يدها عن الملف، وعدا تحرّكها من دون ضابطة عدلية، وعدا استعانتها بجمهور ومرافقيها الشخصيين لاقتحام الشركة وكسر أبوابها وخلعها، وعدا عدم استقبال أحد المباشرين لتبلّغ طلب ردّ الدعوى- يعيد فتح السجال المشتغل حول أدائها. فحسب ما نشرته وسائل إعلامية نقلاً عن الشركة، استعانت عون بأشخاص من غير الخبراء لتفريع الداتا ونقلها والاطلاع على “سيرفر” الشركة. وحسب ما تقول المصادر نفسها لـ”المدن”، ليست هذه التجاوزات الوحيدة التي قامت بها القاضية ومن عاونوها في الملف.

توضيحات عون
بالنسبة للقاضية عون، كل ما حصل يصبّ في مصلحة القضية التي تحقّق فيها. فتوضح الأجواء المحيطة بها لـ”المدن” أنه لدى تكليف الخبراء تم التأكيد على إمكانية الاستعانة بأي خبرة أو أشخاص آخرين لاستكمال التدقيق. وتضيف أنّه نتيجة مداهمة شركة مكتّف الأخيرة “تم وضع اليد على 150 ألف ملف، منذ عام 2019 إلى اليوم. وهي ملفات تم تفريغها بالكامل”.

شركات أخرى
وتؤكد المصادر نفسها أنّ القاضية عون بدأت عملية التحقيق والتدقيق مع شركة مالية أخرى مسؤولة عن نقل الأموال. وهي شركة “بروسيك”، عنوانها في بعبدا، يرأسها ويديرها الضابط المتقاعد بيار جورجيو. وتضيف المصادر أيضاً أنّ “بعد تفريغ كل الملفات من شركة المكتف، ثمة حاجة على الأقلّ بين أسبوع إلى عشرة أيام لقراءة هذه الداتا وتحليلها”، في حين يبدأ العمل مع “بروسيك”.

راهبة وجمعية
من مكاتب شركة مكتّف، عودة إلى نقطة أساسية وهي حضور راهبتين أثناء وجود القاضية عون فيها. ولدى التدقيق أكثر يتبيّن أنهما من الرهبنة الكرملية، تنشطان في جمعية “إبن الانسان” التي تمّ استخدام مكاتبها في منطقة زكريت لإتمام عملية تفريغ المعلومات عن الحواسيب و”السيرفر”. وترأس هذه الجمعية الأمّ فادية اللحام. أو بالأحرى الأم أغنيس مريم دو لا كروا (أنياس مريم الصليب). ليتضّح بعدها أنّ الأخيرة حضرت شخصياً إلى مكاتب مكتّف بطلب من القاضية عون.

أنياس وشركة مكتّف
يؤكد المحيطون بالقاضية عون أنّ الأخيرة طلبت حضور الأم أنياس إلى مكاتب شركة مكتف لدى دخولها إلى الشركة لشعورها باضطراب صحي: “شعرت ببعض العوارض الصحية، فطلبت حضور سيارة اسعاف من جمعية “إبن الانسان” التي ترأسها وتديرها الأم أنياس”. وتضيف المصادر نفسها أنّ فريق الخبراء وغير الخبراء الذي عملوا على تفريغ الداتا توجهوا إلى مكاتب الجمعية “لكون الجمعية فتحت مكاتبها، وهي بعيدة عن كل الزحمة، وعن كل الضغوط التي يمكن أن تمارس عليها”.

علم وخبر
بحسب البيانات الرسمية، حصلت جمعية “ابن الانسان” على “العلم والخبر” عام 2016. وأسسها كل من الأم فادية سامي اللحام (الأم أنياس) ونبيل الدواليبي والأخت كرمل دواليبي. وحدّدت 7 أهداف، أبرزها خدمة الوحدة بين مكونات المجتمع اللبناني والمشرقي، انعاش التراث الثقافي المشترك، نشر القيم المجتمعية البنّاءة للإنسان، إحياء الحوار المبني على المحبة والانفتاح، إضافة إلى أهداف أخرى. فمن هي الأم أنياس؟

وجه أسدي
الأم أغنيس مريم دي لا كروا، راهبة كرملية ورئيسة دير مار يعقوب المقطّع للروم الملكيين الكاثوليك، في بلدة قارة في محافظة ريف دمشق، التابع لأبرشية حمص في سوريا، في القلمون بريف دمشق. لماذا كل هذه الضجة حولها؟ لأنها متّهمة بارتباط وثيق بنظام بشار الأسد واستخباراته، ولعبت دوراً محورياً في بث روايات النظام المختلفة وأبرزها المتعلّقة بدحض مجازر الكيماوي. وقد كلّفها النظام أيضاً بمسؤولية ترؤوس جولات لصحافيين ومؤسسات إعلامية غربية في سوريا. كما أنها متّهمة بالمسؤولية عن مقتل الصحافي الفرنسي جيل جاكيه في سوريا عام 2012. وهي تتبنّى بالكامل نظرية حماية نظام الأسد للأقليات والمسيحيين في الشرق وتبشّر بها.

القاضية عون على علاقة شخصية، على ما يبدو، بالأم أنياس. لكن العلاقات السياسية للأخيرة وأداءها لا يوحيان بالثقة لا بل بعسكها تماماً. فهل باتت داتا شركة مكتّف بين يدي النظام السوري؟ ما حاجته إليها؟ لماذا يمكن لجمعية إنسانية أن تحوي خبرات من هذا النوع؟ هذا ما يجب السؤال عنه.