IMLebanon

“الدستوري” يُسقط أبطال “مسرحية” العتمة ويضع “الطاقة” أمام مسؤولياتها

كتب خالد أبو شقرا في “نداء الوطن”:

خالف “حساب حقل” وزارة الطاقة وشركة الكهرباء، “حساب بيدر” المجلس الدستوري. فسِلفة الـ300 مليار ليرة لتأمين الفيول التي ظنت الطاقة أنها حصدتها من القانون 215/2021 بعيداً من الإصلاح، لم تتطابق مع “صافي الغلة” بعد إتمام “الدستوري” عملية “التذرية والدرس” بناء على الطعن المقدم من تكتل “الجمهورية القوية”.

تعليق الدستوري تنفيذ القانون ريثما يصدر القرار النهائي بشأنه، يعني عملياً لا محروقات لمعامل الإنتاج، وانخفاض الإنتاج على كامل الأراضي اللبنانية إلى أقل من 270 ميغاواط محصور بالمعامل الكهرومائية، من أصل حوالى 1900 ميغاواط من المفترض أنها تنتج من 8 محطات بالطاقة الحرارية، يعني الظلمة، خصوصاً مع تشديد أصحاب المولدات الخاصة على عدم قدرتهم على تغطية الإنقطاع التام للتيار الكهربائي، نظراً لارتفاع تكاليف تشغيل المولدات عليهم، مهما رفعوا الكلفة.

من المسؤول؟

“وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان تقع عليهما مسؤولية تأمين التمويل من غير مصدر”، يجيب عضو “تكتل الجمهورية القوية” النائب عماد واكيم، “إذ لا يجوز وضع المواطنين بين “مطرقة” الإستيلاء على ما تبقى من ودائعهم بالعملات الأجنبية التي لم تعد تتجاوز 15 في المئة، وبين “سندان” التهديد بقطع الكهرباء وإغراق البلد بالعتمة الكالحة”.

وبرأيه فان “قرار المجلس الدستوري قد يكون الخطوة الأولى في مشوار الألف ميل الذي على “الكهرباء” البدء فيه للإصلاح وإعادة التوازن إلى ماليتها. وذلك بعيداً من منطق السلف المفتوحة غير القانونية والدستورية، والتي تشجع على استمرار الهدر والفساد. فهذه السلف كلفت البلد في السنوات العشر الأخيرة ما لا يقل عن 34 مليار دولار، أو ما يعادل نصف الدين العام إذا أضفنا إليها الفوائد.

البديل موجود

التحجج بمداهمة الوقت لتوفير تمويل كاف يجنبنا العتمة الفورية، والتهويل بان عدم إقرار السلفة سيسلم رقاب المواطنين لاصحاب المولدات، ما هما في الحقيقة إلا “ذرٌ للرماد في العيون”، وتعمية مقصودة عن الحقيقة. فخلافاً لما ينشره البعض، فان التمويل متوفر، وهو يفوق سلفة الـ200 مليون دولار بمقدار الضعف. فبحسب معد الورقة الإقتصادية في الحزب “التقدمي الإشتراكي” المهندس محمد بصبوص، فان “مجموع الهدر السنوي في مؤسسة كهرباء لبنان يبلغ 550 مليون دولار، أي ما يعادل ثلثي السلفة المطلوبة”. فلو كانت مؤسسة الكهرباء ومن خلفها وزارة الطاقة جدية في معالجة المشاكل وحريصة على “نور” اللبنانيين كما تدعي، لكانت بدأت بتخفيض الهدر منذ العام 2019، تاريخ إقرار خطة الطاقة للوزيرة ندى البستاني. فـ”الخطة، التي تضمنت اعترافاً بهدر يصل إلى 37 في المئة (يقدّر فعلياً 50%)، أقرت أن كل تخفيض للهدر بنسبة 1 في المئة، يؤمن وفراً بقيمة 34 مليون دولار”، يقول بصبوص، “فماذا فعلت؟ لا شيء. مع العلم أن الأوان لم يفت بعد، ولو أنه تأخر كثيراً. فهناك متأخرات في الجباية على الأفراد بقيمة 550 مليار ليرة، وبحدود 1800 مليار على مؤسسات الدولة، وجبايتها لا تؤمن ثمن الفيول المطالب به فقط، بل إنها تعطي أملاً بأن المؤسسة بدأت بالإصلاح جدياً”.

التقنين لا يرتبط بالسلفة

أكثر من ذلك، فانه عند إقرار السلفة في مطلع نيسان الماضي تحت ضغط التقنين القاسي والتهديد بالعتمة الكلية، كان هناك مبلغ 397 مليار ليرة في خزينة كهرباء لبنان متوفر من السلفة ما قبل الأخيرة. ومع هذا لم توفر وزارة الطاقة طريقة لتهديد المواطنين بالعتمة، بدءاً من حملة التقنين القاسية التي شهدتها معظم المناطق اللبنانية وتراجع التغذية إلى أقل من 4 ساعات يومياً، مروراً بالتهديد بتوقف المعامل والمستشفيات، ووصولاً إلى تسويق ازدياد الطلب على المازوت المدعوم للمولدات الخاصة، لتعود التغذية بسحر ساحر بعد اقرار السلفة للتحسن مع أن الاموال لم تصرف بعد. ولو سلمنا جدلاً بان سلفة 300 مليار ليرة أعطيت لـ”الكهرباء” وجرى تحويلها من قبل مصرف لبنان إلى 200 مليون دولار تكفي لأقل من شهرين، فكيف ستؤمن الكهرباء التمويل من بعد استهلاكها؟ يجيب بصبوص: “بابتزاز اللبنانيين وتهديدهم بالعتمة لاقرار سلفة جديدة، وهكذا دواليك إلى أن تنفد كامل الإحتياطيات وينقطع كل شيء. خصوصاً أن كلفة دعم الفيول لزوم مؤسسة كهرباء لبنان تشكل 1/5 من كلفة الدعم التي يتكبدها مصرف لبنان من أموال المودعين”.

العلاج الجذري

في الوقت الذي يعالج فيه “سرطان” الكهرباء بالمسكنات، فان “المطلوب الإنتقال إلى العلاج الجذري الذي يبدأ بتطبيق القانون 462/2001 والإلتزام بشروط الورقة الإصلاحية للقطاع”، تقول المديرة التنفيذية للمبادرة اللبنانية للنفط والغاز ديانا قيسي، و”الخطوة الإصلاحية الأولى تكون بوقف التسليفات التي تستنزف أموال المودعين، وتغذي النظام الفاشل المعتمد حالياً وتسرّع الوصول إلى الإفلاس الحقيقي”.

وبحسب قيسي فان “الحلول التقنية لإصلاح قطاع الكهرباء متوفرة، وما ينقص هو وجود الإرادة السياسية الحقيقية، التي من الممكن أن تتجلى بداية في تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء كما نص القانون 462.

بدلاً من البكاء على أطلال القانون 215، يرى الخبراء بأنه “على مؤسسة كهرباء لبنان القيام بأبسط واجباتها بما يتعلق بتخفيض الهدر.

أما القيّمون على “الطاقة” فعليهم التخلي عن فكرة بقاء مؤسسة الكهرباء حديقة خلفية للتوظيف والمنافع السياسية ووضع المصالح الشخصية جانباً، والإنطلاق بورشة الإنقاذ كما نصت الأوراق الإصلاحية، وفي مقدّمها خطة شركة كهرباء فرنسا”.